يبنيه مرارا ثم ينهدم ، فجمعوا الحكماء وطلبوا تدبر الأمر ، فصار الانفاق على أن يبنى هذا القصر على سبعة عمد حجرية على شكل بنات نعش (١) التى فى السماء ، فلم يهدم على تلك الصورة. والعجب الآخر هو أنه منذ بنى هذا القصر لم ينهزم فيه ملك ، بل كان النصر حليفه. والعجيب أيضا هو أنه منذ بنى لم يمت فيه ملك قط لا فى الجاهلية ولا فى الإسلام ، وحين كان يدنو أجل ملك من الملوك كان يعرض سبب ، فيخرج منه ويتوفى فى مكان آخر. وظل الحال على ذلك منذ بنائه حتى خرابه. ولهذه القلعة بابان شرقى وغربى. ويسمى الباب الشرقى بباب الغورية «دروازه غوريان) والغربى باب الصحراء (در ريكستان) وقد سمى فى زمن المترجم باب العلافين (در علف فررشان). وكان فى وسط القلعة طريق يمتد من هذا الباب إلى ذاك. وكانت هذه القلعة مقر الملوك والأمراء والقادة ، كما كان يوجد بها السجن والدواوين الملكية والقصر الملكى وبيت الحريم والخزانة من قديم الزمان.
وقد تخربت هذه القلعة فى زمن المترجم ومضى على ذلك عدة سنوات. فأمر أرسلان خان بعمارتها وجعل مقره هنالك ، وجعل أحد الأمراء الكبار مستحفظا لها ليحافظ عليها كما ينبغى. وكان لهذه القلعة حرمة عظيمة فى نظر الخلق. وعند ما بلغ خوارزمشاه بخارى فى شهور سنة أربع وثلاثين وخمسمائة (١١٣٩ م) كان الأمير زنكى على ، خليفة (٢) وواليا على بخارى من قبل السلطان سنجر (٣) ، فقبض عليه وقتله وخرب القلعة ، وبقيت خرابا أكثر من سنتين. ولما صار ألبتكين واليا على بخارى من قبل كورخان فى شهور سنة ست وثلاثين وخمسمائة (١١٤١ م) أمر فى هذه السنة بتعمير هذه القلعة وجعلها مقرّا له وصارت القلعة أحسن مما كانت. وفى شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة (١١٤٣ م) جاء حشم الغزّ إلى بخارى وحوصر عين الدولة
__________________
(١) بنات نعش : سبعة نجوم ترى فى السماء وتعرف بالدب الأكبر.
(٢) هكذا فى الأصل والمراد هنا بكلمة خليفة النائب عن الملك أو السلطان.
(٣) هو أبو الحارث معز الدين السلطان سنجر السلجوقى الملك السادس من ملوك السلجوقيين الذين حكموا فى إيران. جلس على العرش سنة ٥١٢ ه. (١١١٨ م) وتوفى سنة ٥٥٢ ه (١١٥٧ م) بمرو حيث دفن هناك. [ش. سامى : قاموس الأعلام ج ٤ ص ٢٦٥٤].