ذكر آل كثكثة (١)
ذكر محمد بن جعفر النرشخى فى كتابه أن قتيبة بن مسلم جاء إلى بخارى ، واستولى عليها وأمر أهلها فأعطوا نصف بيوتهم وضياعهم للعرب ، وكان ببخارى قوم يقال لهم آل كثكثة (كثكثان) ذوو حرمة وقدر ومنزلة وكان لهم بين أهل بخارى شرف كبير ، ولم يكونوا من الدهاقين بل كانوا غرباء أصلا وتجارا أغنياء.
فألح قتيبة فى قسمة بيوتهم ومتاعهم ، فتركوا بيوتهم ومناعهم. جملة للعرب ، وبنوا خارج المدينة سبعمائة قصر. وكانت المدينة فى تلك الأيام على ما هى عليه الآن.
وكان كل شخص يبنى حول قصره بيوت خدمه وأتباعه ، وأنشأ البعض على باب قصره بستانا وصحراء (٢) وخرجوا إلى تلك القصور. وقد تخربت تلك القصور اليوم وصار أكثرها مدينة. وقد بقى فى ذلك الموضع قصران أو ثلاثة كانت تسمى قصر المجوس. وقد أقام هنالك المجوس ، وكانت بيوت نار المجوس فى هذه الولاية كثيرة.
وكان على أبواب قصور المجوس هذه بساتين جميلة ناضرة ، وكانت ضياعهم عزيزة للغاية.
وقد ذكر محمد بن جعفر : أننا سمعنا فى أيام الأمير الحميد (٣) ، أن ضياع قصر المجوس كانت قيمة ، لأن ملوك بخارى أقاموا هنالك ورغب غلمان الشاه ومقربوه فى شراء تلك الضياع ، حتى صارت قيمة كل (جفت) (٤) من هذه
__________________
(١) هذه الكلمة وردت فى طبعة طهران تصحيح مدرس رضوى [كشكثه].
(٢) كلمة صحراء واردة بلفظها فى الأصل الفارسى. وكلمة صحراء فى الفارسية لا تعنى حتما الفيا فى الجرداء بل قد تكون ناضرة بأنواع الزروع والنبات.
(٣) أى الأمير الحميد أبو محمد نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل السامانى الذى ألف النرشخى كتابه هذا باسمه.
(٤) «جفت» وحدة مساحية متعارف عليها فى ذلك الوقت ولم نستدل على مقدارها ـ و «جفت كاو زمين» ترجمناها بقطعة أرض يحرثها زوج من البقر ، ويبدو أن «جفت» مخفف «جفت كاو زمين» ، يوجد بالتركية كلمة «چفت» وهى قريبة من «جفت» ويتركب منها المصدر التركى «چفت سورمك» ـ ـ بمعنى الحرث. وتأتى منها كذلك «چفتلك» وهى التى كانت تنطق قديما فى مصر «شفلك» ومعناها التفتيش الزراعى وتجمع على «شفالك» أى التفاتيش الزراعية.
ولا نستطيع بهذه القرينة أن نقول إن «چفت» هى «جفت» وقد جاء فى «قاموس تركى» لشمس الدين سامى ص ٥١١ أن چفت هى جفت الفارسية وأنها تكتب فى الفارسية بالجيم العربية. انظر أيضا حاشية ٤ ص ٢٨