فضة خوارزم (١) قد راجت بأيدى الناس. وكان الناس يأخذون هذه الفضة عن غير رضا ، وكانت فضة بخارى تلك قد خرجت من أيدى الناس فلما جاء غطريف ابن عطا إلى خراسان ذهب إليه أشراف وأعيان بخارى وقالوا له (٢) :
لم تبق لنا فضة بالمدينة فليأمر أمير خراسان بأن تضرب لنا نفس السكة على نحو ما كانت فضة بخارى قديما ، وينبغى أن تكون الفضة بحيث لا يخرجها أحد من أيدينا ولا تخرج من بلدنا حتى نتعامل بها فيما بيننا ، وكانت الفضة عزيزة فى ذلك التاريخ ، فجمعوا أهل المدينة وطلبوا رأيهم فى هذا الأمر فاتفقوا على أن تضرب العملة الفضية من ستة أشياء هى الذهب والفضة والمسك (٣) والقصدير والحديد والنحاس ، ففعلوا هكذا ، وضربوا تلك السكة القديمة باسم غطريف ، أى الفضة الغطريفية.
وكان عامة الناس يسمونها غدريفى. وكانت النقود الفضية القديمة من خالص الفضة. وهذه الفضة التى ضربوها أخلاطا ، جاءت سوداء فلم يأخذها أهل بخارى ، فغضب عليهم السلطان ، فكانوا يأخذونها مكرهين. وقوموا الستة دراهم الغدريفية بدرهم واحد من الفضة الخالصة وأخذ السلطان بهذه القيمة حتى راجت ، ولهذا السبب ارتفع خراج بخارى لأن خراج بخارى قديما كان مائتى ألف درهم من الفضة إلا قليلا.
__________________
(١) خوارزم (Kharezm) أوله بين الفتحة والضمة والألف مسترقة مختلسة ليست بألف صحيحة (خارزم) [معجم البلدان ج ٣ ص ٤٧٤] ، أقدم إيالة فى آسيا الوسطى يرجع تاريخها السياسى إلى أقدم العصور قبل الميلاد ، وهى منشأ الدولة الخوارزمشاهية التى قضى عليها چنكيز خان وأصبحت تابعة لخانات آلتون أوردو ، حوالى ١٥٠ سنة. وفى أوائل القرن السادس عشر الميلادى وقعت خوارزم تحت حكم الشيبانيين ثم الفرس ومنذ سنة ١٥٥٨ م (٩٦٦ ه.) عرفت أولا باسم عاصمتها «قيات» ثم «أوركنج» ثم «خيوه» إلى أن ألحقت بالاتحاد السوفييتى ووزعت بين جمهوريتين هما أوزبيكستان وتركمنستان السوفييتيتين وذلك بعد هجوم الروس وخلعهم أميرها (خان خيوه) السيد عبد الله خان بهادر سنة ١٩٢٤ م. (١٣٤٣ ه.)
(Larousse de XXe.Siecle ,V.IV ,p.٣٤٢)
(٢) الترجمة اللفظية : وطلبوا منه.
(٣) هكذا فى الأصل.