فإذا بعسكر السغد (١) وكش (٢) وتخشب (٣) قد وصلوا ، وكان عددهم مائة وعشرين ألف رجل ؛ فندمت الخاتون على الصلح وما كانت أرسلته. فقال سعيد : أنا عند قولى ، ورد المال وقال : لا صلح لنا. وعندئذ تجمع العسكر ووقفوا وجها لوجه واصطفوا ، فألقى الله تعالى الرعب فى قلوب الكافرين حتى عاد كل عسكر الكفار هؤلاء دون حرب ، وبقيت الخاتون وحدها ؛ فأرسلت مرة أخرى شخصا وطلبت الصلح وزادت المال وأرسلته جميعا. فقال سعيد : أنا الآن ذاهب إلى السغد وسمرقند وأنت على طريقى فيجب أخذ رهن منك حتى لا تأخذى على الطريق ولا تضايقينى ، فأعطت الخاتون ثمانين شخصا من أمراء ودهاقين بخارى رهائن لسعيد. فرجع سعيد عن باب بخارى ومضى لطيته. وقد حكى أن هذه الخاتون كانت تعشق أحد غلمان زوجها وكان الناس يقولون إن طغشاده ابنها من ذلك الرجل ، وأنها ألحقت نسب هذا الولد بزوجها وأن هذا الولد ليس من صلب بخار خداة. وقال جماعة من عسكرها نعطى ملكها هذا لابن آخر لخداة ، يكون بلا شك ابن الملك. وعلمت الخاتون بقصدهم هذا وأخذت تدبر لدفعهم عنها ، فلما تم هذا الصلح مع سعيد وطلب منها رهنا احتالت الخاتون وأعطته هؤلاء القوم الذين كانوا قد دبروا هذه الفكرة رهائن ، فتخلصت منهم ومن سعيد كذلك. ويحكى أنه لما عقد سعيد الصلح مع الخاتون قال لها : يجب أن تخرجى للسلام علىّ ، ففعلت الخاتون كذلك وخرجت للسلام عليه ، فقال يجب أن تخرجى للسلام على كبرائى أيضا ، فخرجت الخاتون للسلام على كل واحد من وجوه عسكره ، وكان عبد الله بن حازم (٤) أحد
__________________
(١) انظر تعليقنا بصفحة ٥٥ حاشية ٦.
(٢) كش (Kasch) وتعرف الآن باسم «شهر سبز» أى المدينة الخضراء ، مدينة بالتركستان قرب نخشب. (Desmaisons : v.٣ ,p.٣٣)
(٣) نخشب بالفتح ثم السكون وشين معجمة مفتوحة وباء موحدة : مدينة بما وراء النهر وهو اسم ثان لمدينة «نسف» تعرف اليوم باسم «قرشى» وهى مسقط رأس علماء كثيرين منهم نجم الدين أبو حفص عمر بن محمد النسفى المتوفى سنة ٣٥٧ ه / ٩٦٧ م. صاحب العقائد النسفية ، وأبو البركات حافظ الدين عبد الله بن أحمد النسفى من مشاهير لفقهاء المتوفى سنة ٧١٠ ه. (١٣١٠ م) صاحب كتاب الوافى وشرحه الكافى وكذا كنز الدقائق. [انظر معجم البلدان ج ٨ ص ٣٧٣].
(٤) فى نسخة مدرس رضوى خازم بالخاء المعجمة.