وجوه عسكره ، فأمر بإيقاد نار عظيمة فى خيمته ، وكان واقفا والجو فى غاية الحرارة ، وكان عبد الله هذا رجلا أحمر ، وقد احمرت عيناه من وهج النار أيضا ، وكان رأسه من الكبر بحيث كانوا يشبهونه باليغارية (١) ، وكان رجلا مهيبا فحمل السلاح وسلّ السيف وجلس ، فلما دنت منه الخاتون فزعت منه ، وفرت مسرعة وهى تقول : بيت ـ
لقد أحسن الله زينتك أيها الغلام ... جنبت عين السوء حتى لا تخالطك (٢)
حكاية : ويقول سليمان الليثى أيضا : إنه لما صالح سعيد الخاتون مرض ببخارى : فجاءت الخاتون أيضا لعيادته وكان معها كيس مملوء بالذهب فأدخلت يدها فى الكيس وأخرجت منه شيئين وقالت : إننى أحتفظ لنفسى بواحدة لآكلها إذا مرضت ، وأعطيك هذه الأخرى لتأكلها وتطيب ، فتعجب سعيد قائلا : ما هذا الذى تقدمه الخاتون بهذا الإعزاز والإعظام؟ فلما خرجت الخاتون نظر سعيد ، فكانت تمرة تقادم عهدها ، فأمر قومه فحملوا خمسة جمال بالتمر الطازج وحملوه إلى الخاتون ، ففتحت الجوالات ورأت تمرا كثيرا ، ففتحت الكيس وأخرجت تمرتها تلك وقابلتها بذلك التمر ، فكان كالتى معها ، فجاءت معتذرة وقالت ليس لدينا كثير من هذا الجنس وقد احتفظت بهاتين التمرتين سنوات طويلة من أجل المرض.
وحكى أن هذه الخاتون كانت امرأة حسناء وجميلة فعشقها سعيد ، ولأهل بخارى فى هذا المعنى أغان كثيرة باللغة البخارية.
رواية : حكى أنه حين جاء سعيد إلى بخارى أتى قثم بن العباس رضى الله عنه (٣)
__________________
(١) لعلها جمع أويغور ، والأويغور قبيلة تركية كانت منتشرة فى ماوراء النهر وكانت لهم حضارة وهم أول من كتب التركية. [شمس الدين سامى : قاموس الأعلام].
(٢) خوبت آراست أى غلام ايزد .. چشم بد دور چه نياميزود.
(٣) قثم بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم القرشى الهاشمى ـ ابن عم الرسول عليه الصلاة والسلام كان فى عهد أمير المؤمنين على بن أبى طالب والى مكة ، وبرواية المدينة ، وقصد سمرقند بصحبة سعيد بن عثمان بن عفان فى زمن معاوية حيث استشهد ـ ويروى أنه رضى الله عنه كان كثير الشبه بالنبى عليه السلام ويعرف ببخارى وفرغانه وبلاد تركستان باسم «شاه زنده» وله مزار بسمرقند يعرف بمزار «شاه زنده» أى السلطان الحى. [ش. سامى : قاموس الأعلام ج ٥ ص ٣٦٠٢].
توفى رضى الله عنه سنة ١٥٩ ه (٧٧٦ م) (الزركلى : الأعلام ص ٢٩ ج ٦).