إلى بخارى ، فأكرمه سعيد ، وقال : إننى أعطى كل شخص من هذه الغنيمة سهما ولك ألف سهم. فقال قثم رضى الله عنه : لا أريد غير سهم كحكم الشريعة ، وبعد ذلك ذهب قثم رضى الله عنه إلى مرو وتوفى هنالك ، وقال بعضهم إنه توفى بسمرقند. والله أعلم.
ولما فرغ سعيد من أمر بخارى ، ذهب إلى سمرقند والسغد وقام بحروب كثيرة ، وكان النصر حليفه ، ولم يكن بسمرقند يومذاك ملك ، وأخذ من سمرقند ثلاثين ألفا من الرقيق وأموالا طائلة. فلما وصل إلى بخارى أرسلت الخاتون شخصا وقالت : ما دمت قد عدت بالسلامة فاعطنا تلك الرهائن. فقال إننى لم آمنك بعد ؛ فلتبق الرهائن حتى أعبر جيحون ، فلما عبر جيحون أرسلت إليه ثانيا شخصا فقال : انتظرى حتى أصل إلى مرو ، فلما وصل إلى مرو قال : انتظرى حتى أصل إلى نيسابور (١) فلما وصل نيسابور قال حتى أصل إلى الكوفة ومن هنالك إلى المدينة. فلما وصل المدينة أمر الغلمان فحلوا السيوف والمناطق عنهم وأخذوا كل ما كان معهم من ثياب ديباج وذهب وفضة جميعا ، وأعطوهم الأكلمة (٢) عوضا عنها وشغلوهم بالفلاحة. فضاقوا غاية الضيق وقالوا : أى هوان بقى لدى هذا الرجل لم يعاملنا به ، لقد أخذنا أرقاء ، ويكلفنا بالأعمال الشاقة ، وما دمنا سنهلك فى الهوان فلا أقل من أن نهلك بفائدة ، فدخلوا بيت سعيد (٣) وغلقوا الأبواب وقتلوه وأسلموا أنفسهم للقتل كذلك. وكان ذلك فى خلافة يزيد بن معاوية. وصار مسلم بن زياد بن أبيه (٤) أمير خراسان. وجاء إلى خراسان ومن هناك كوّن جيشا ووصل إلى بخارى ،
__________________
(١) لمعرفة موقعها انظر حاشية ٥ ص ٩٦.
(٢) جمع كليم معرب «كليم galim» الفارسية وهو نوع من البسط الصوفية الرخيصة. ويتخذ القرويون والرعاة ببلاد خراسان من هذا الكليم ثيابا خشنة تقابل ما يعرف فى عامية القرى وأهل الصعيد بالبشت.
(٣) سعيد بن عثمان بن عفان الأموى القرشى ، توفى نحو سنة ٦٢ ه (٦٨٢ م) وال من الفاتحين نشأ فى المدينة وبعد مقتل أبيه وفد على معاوية فولاه خراسان سنة ٥٦ ه (٦٧٥ م.) ، ففتح سمرقند وأصيبت عينه بها وعزل عن خراسان سنة ٥٧ ه (٦٧٦ م.) ، ولما مات معاوية انصرف إلى المدينة فقتله أعلاج كان قدم بهم من سمرقند (خ. الزركلى : الأعلام ج ٣ ص ١٥١).
(٤) مسلم بن زياد بن أبيه : يقال إن أباه أخ غير شرعى لمعاوية بن أبى سفيان وكان من سيوف الدولة الأموية وكبار ولاتها. ويعرف بزياد بن سميه كذلك ، توفى سنة ٣٥ ه (٦٥٥ م.).