وطلب أهل بيكند الأمان ، فصالحهم قتيبة على مال أخذه (١) وأمّر عليهم ورقاء بن نصر الباهلى وتوجه إلى بخارى.
فلما بلغ خنبون (٢) أخبروه بأن أهل الحصن تمردوا وقتلوا الأمير. فأمر قتيبة العسكر قائلا : اذهبوا وانهبوا بيكند فقد أبحت دماءهم وأموالهم. وسبب ذلك أنه كان فى بيكند رجل له بنتان جميلتان ، فانتزعهما ورقاء بن نصر ، فقال هذا الرجل :
إن بيكند مدينة كبيرة فلم تأخذ ابنتى من بين كل أهل المدينة؟ فلم يجبه ورقاء. فوثب الرجل وطعن ورقاء بسكين فى سرّته ولكنها لم تكن قاضية ولم يقتل. فلما بلغ قتيبة الخبر عاد وقتل من كان فى بيكند من أهل الحرب جميعا واسترق من بقى ، بحيث لم يبق فى بيكند أحد وخربت. وكان أهل بيكند تجارا وقد ذهب أكثرهم إلى بلاد الصين والجهات الأخرى للتجارة ، ، فلما عادوا بحثوا عن أولادهم ونسائهم وأقربائهم وابتاعوهم من العرب ، وعمروا بيكند كذلك مرة ثانية. وقد قيل بأنه لم تكن مدينة تخرّبت كلها وبقيت خاوية ثم عمرت سريعا على يد أهلها أنفسهم إلا بيكند.
حكاية : يحكى أنه لما فتح قتيبة بيكند وجد فى معبد الأصنام صنما من الفضة يزن أربعة آلاف درهم ، ووجد أوانى (٣) من الفضة ، فجمعها كلها ووزنها فكانت مائة وخمسين ألف مثقال ، ووجد حبتين من اللؤلؤ كل منهما كبيضة الحمام ، فقال قتيبة : من أين أتيتم بهاتين اللؤلؤتين بهذا الحجم الكبير؟ قالوا : أتى بهما طائران فى منقاريهما ، وألقيا بهما فى بيت الأوثان هذا ، فجمع قتيبة الطرائف وبعث
__________________
(١) الترجمة الحرفية : فصالحهم قتيبة وأخذ مالا.
(٢) فى بعض النسخ جيحون (حاشية مدرس رضوى) وخنبون بفتح أوله وبعد النون الساكنة باء موحدة وآخره نون : من قرى بخارى بما وراء النهر بينها وبين بخارى أربعة فراسخ على طريق خراسان. ينسب إليها أبو القاسم واصل بن حمزة بن على بن نصر الصوفى الخنبونى أحد الرحالين فى طلب الحديث. ياقوت : [معجم البلدان ج ٣ ص ٤٦٩].
(٣) فى الأصل جام ومعناها القدح أو الكأس ويستعمل أهل بخارى هذه الكلمة بمعنى الطبق فترجمناها بآنية لانطباقها على المعنيين.