الجيهانى (١) المنارة من خالص ماله فى مدة خمس سنوات سنة ست وثلثمائة (٩١٨ م) وكان وزير السلطان فى ذلك التاريخ.
وكان هذا المسجد الجامع متصلا بالحصار حتى آخر عهد إبرهيم بن طمغاج خان الذى تولى الملك وكان لطمغاج خان ابن آخر هو شمس الملك نصر بن إبرهيم (٢) ، فقصد بخارى ثم دعم حصارها. وحارب شمس الملك على باب حصار بخارى ، فكانوا يرمون الحصار بالسهام من فوق منارة المسجد الجامع ، وقاسى أهل الحصار من ذلك. فأمر شمس الملك بقذف النار من الحصار وكان رأس المنارة من الخشب فاحترق وامتدت الحرائق إلى المسجد الجامع فاحترق أيضا ، فلما استولى الملك شمس الملك على الحصار واستتب له ملك بخارى أمر ببناء المسجد الجامع ثانيا وبحفر خندق بين الحصار وبين المسجد ، وبنوا رأس المنارة من الآجر ، وأمر بإبعاد المقصورة والدار التى بها المقصورة عن الحصار. وقد قدم كل من الأشراف (٣) والأثرياء المعونة حتى تمت هذه العمارة ، وكان حريق المسجد الجامع فى سنة أربعمائة وستين (١٠٦٧ م) وتم بناؤه سنة أربعمائة وواحدة وستين (١٠٦٨ م). ويقول محمد بن أبى بكر سمعت من الثقات أن هذه المقصورة والمنبر والمحراب التى فى بخارى أمر الملك شمس الملك بنحتها فى سمرقند وقد نقشت وأحضرت إلى بخارى. وكان المسجد قائما على هذه الصفة حتى أيام أرسلان خان محمد ابن سليمان فأمر بإبعاد المسجد الجامع عن الحصار حتى لا يحدث خلل كما حدث فى زمان شمس الملك.
وقد اشترى أرسلان خان بيوتا كثيرة فى المدينة وأمر بأن يهدم من المسجد الجامع ما كان قريبا من الحصار ، وبهدم تلك المنارة التى كانت على مقربة من الحصار
__________________
(١) فى بعض النسخ أبو عبد الله الحيانى : حاشية مدرس رضوى طبع طهران ص ٥٩.
(٢) توفى شمس الملك سنة ٤٩٣ ه ـ ١٠٩٩ م ، انظر حاشية ٢ ص ٤٨.
(٣) الأشراف ترجمة «خواجكان جويبارى» باصطلاح أهل بخارى. ولا يزال فى بخارى جماعة يسمون «خواجكان جويبارى» أى الأشراف الجويباريين يصلون أنسابهم بالحسين بن على رضى الله عنهما. وكان ملوك وأمراء بخارى يصاهرونهم إلى وقت قريب. وكلمة (خواجه) بالفارسية أيضا معناها السيد ويلقب بها سادة القوم مثل (خواجه نظام الملك) و (خواجه عبيد الله أحرار) و (خواجه حافظ شيرازى) وغيرهم من أهل العلم والشرف والدين والرياسة. وتنطق كلمة (خواجه) الفارسية (خاجه) بدون نطق الواو.