في هذه الدنيا وتبعتها أُمّته المسكينة ، فهذه القيادة الدنيوية تتمثل في الآخرة بالقيادة إلى النار.
وحقيقة هذه الشفاعة لا تعني إلاّ أن تصل رحمته سبحانه ومغفرته وفيضه إلى عباده عن طريق أوليائه وصفوة عباده ، وليس هذا بأمر غريب فكما أنّ الهداية الإلهية التي هي من فيوضه سبحانه ، تصل إلى عباده في هذه الدنيا من طريق أنبيائه وكتبه ، فهكذا تصل مغفرته سبحانه وغفرانه إلى المذنبين والعصاة يوم القيامة من عباده عن ذلك الطريق.
وإن شئت قلت : إنّ إرادته الحكيمة جرت في صفحة الوجود أن يتحقق كل شيء من طريق الأسباب الخاصة ، والعلل المعينة فكما أنّ رحمته التي وسعت كل شيء تصل إلى عباده في الحياة الدنيوية ، عن طرق خاصة وعلل طبيعية يلمسها كل من فتح عينه على الكون ، فكذلك رحمته المعنوية ومغفرته الوسيعة تصل في الحياة الأخروية إلى عباده عن طريق علل وأسباب خاصة ومن تلك الأسباب ، أولياؤه وصفوة خلقه ، ودعاؤهم وطلباتهم.
وما ذلك إلاّ لأنّ الله سبحانه قد جعل لكل شيء سبباً وقضى أن لا يصدر المسبب إلاّ بتوسط أسبابه ، فدار الوجود وصفحة الكون مدار الأسباب والمسببات والعلل والمعلولات ، وقد جرت عليه مشيئته وإرادته.
أضف إلى ذلك أنّ وصول فيضه عن طريق أوليائه إلى عباده ، تكريم للأولياء ، وإظهار لمقامهم ونوع مثوبة لهم بالنسبة إلى طاعتهم وتضحياتهم ، في طريق الحق ، وإبلاغ رسالاته وأوامره.
ولا بعد في أنّ يصل غفرانه سبحانه إلى عباده يوم القيامة عن طريق خيرة