لا يقبل معها التطهير كما قال سبحانه : ( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ) (١).
دلت التجارب والبراهين العقلية على أنّ الأصل الأوّلي في الخليقة هو السلامة وانّ المرض والانحراف أمران يعرضان على المزاج ويزولان بالمداواة والمعالجة ، وليس هذا الأصل مختصاً بالسلامة من حيث العيوب الجسمانية بل الأصل هو الطهارة من الأقذار والأدران المعنوية فقد خلق الإنسان على الفطرة النقية السليمة من الشرك والعصيان التي أشار إليها القرآن بقوله : ( فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) (٢). وقال النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : « كل مولود يولد على الفطرة ، ثم أبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه » (٣).
وعلى ذلك فلا غرو في أن تزول آثار العصيان عن الإنسان بالعلاج والمداواة الخاصة في مواقف شتى حتى تظهر الخليقة الأولى التي فطر عليها.
فقد جعل الله سبحانه المواقف التي يمر بها الإنسان بعد موته في البرزخ ويوم القيامة ، وسائل لتطهير الإنسان وتصفيته من آثار الذنوب وتبعاتها ، ولا غرو في أن يكون الشفعاء المرضيون عند الله ، أطباء يعالجون أُولئك المرضى ، بتصرفاتهم ونفوسهم القوية حتى يزيلوا عنهم غبار المعصية ، ودرن الذنب حتى تعود الجوهرة الإنسانية نقية صافية ناصعة فيستحق الإنسان نعيم الآخرة ودخول الجنّة إلاّ من بلغ إلى حد لا يقبل العلاج والتداوي ، لأجل أنّ ذاته قد انقلبت إلى ما يضاد
__________________
(١) النساء : ٤٨.
(٢) الروم : ٣٠.
(٣) التاج الجامع للأصول : ٤ / ١٨٠ ، تفسير البرهان : ٣ / ٢٦١ ، الحديث ٥.