الجوهرة الإنسانية النقية التي لا تقبل أيّة مداواة أو علاج ، كما لو اتخذ لربه شريكاً فاستحق الخلود في النار.
فليس التوقّف في البرزخ ولا في المراحل المتنوعة في يوم القيامة ولا الدخول في النار مدة محدودة ولا شفاعة الأنبياء والأولياء في حقهم ، إلاّ تصرفاً تكوينياً في حقهم حتى تعود الجوهرة الأوّلية إلى حالتها الطبيعة الأولى وتصفو من كل شائبة تعلّقت بها نتيجة العصيان والتمرد.
إنّ تشريع الشفاعة ، والاعتراف بها في النظام الإسلامي إنّما هو لأجل غايات تربوية تترتب على ذلك التشريع والاعتقاد به ، وذلك لأنّ الاعتقاد بالشفاعة المقيدة بشروط معقولة سيوافيك بيانها ، من شأنه بعث الأمل في نفوس العصاة وأفئدة المذنبين ، يدفعهم إلى العودة عن سلوكهم الإجرامي ، وإعادة النظر في منهج حياتهم الشرير ، ويمسكهم عن الاستمرار والتمادي في ماهم عليه من التمرد والعصيان ، وذلك لأنّهم إذا رأوا أنّ الرجوع عن منتصف الطريق الباطل إلى طريق الصواب والحق ، سينقذهم من ما يترتب على أفعالهم السيئة التي ارتكبوها مدة من عمرهم ، اغتنموا الفرصة بتغيير وضعهم وتعديل سلوكهم إلى ما فيه رضا ربهم.
وهذا الاعتقاد ـ بالرغم مما اعترض عليه من جانب البعض بأنّه يوجب الجرأة ويحيي روح التمرد في العصاة والمجرمين ـ يتسبب في إصلاح سلوك المجرم ويقظته وإنابته ، والتخلّي عن ما يرتكبه من آثام ويقترفه من ذنوب.
وتظهر حقيقة الحال إذا لاحظنا مسألة التوبة التي اتفقت عليها الأمّة ونص بها الكتاب والحديث ، فإنّه لو كان باب التوبة موصداً في وجه العصاة