ومع هذا السياق البارز في الآيتين هل يصح أن يقال انّه لا عهد بين الله سبحانه وبين أحد من عباده مطلقاً مع أنّه يصرّح بوجود مثل هذا العهد إذ يقول : ( وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ ) (١) وقال سبحانه : ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) (٢) إلى غير ذلك من الآيات.
ما ورد في إثبات الشفاعة من الآيات المتشابهات ، وفيه يقضي مذهب السلف بالتفويض والتسليم ، وانّها مزية يختص الله بها من يشاء يوم القيامة ، عبر عنها بهذا المعنى « الشفاعة » ولا نحيط بحقيقتها مع تنزيه الله جل جلاله عن المعنى المعروف من معنى الشفاعة في لسان التخاطب العرفي (٣).
الجواب
إنّ القرآن كتاب سماوي أُنزل لغرض التعليم والتربية ، والهداية والتزكية ، وقد نبّه على ذلك سبحانه في آيات كثيرة لا مجال لإيرادها هنا ، قال سبحانه : ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ ) (٤) فلو جعلنا الآيات الواردة حول الشفاعة التي تقارب ثلاثين آية من المتشابهات يلزم أن تعد أكثر الآيات الواردة في الكتاب العزيز من الآيات المتشابهة ولازم ذلك جعل الكتاب العزيز غير مفهوم للناس الذين أُنزل ذلك الكتاب لهدايتهم وتربيتهم.
__________________
(١) البقرة : ١٢٥.
(٢) طه : ١١٥.
(٣) تفسير المنار : ١ / ٣٠٧ ـ ٣٠٨.
(٤) القمر : ١٧.