الثاني : بالحل ، فإنّ الشفاعة في الحقيقة فرع للسعي الذي قام به المشفوع له وتعد من آثاره وتوابعه إذ لولا عمله وسعيه وجده واجتهاده في الإيمان بالله سبحانه وإقامة الفرائض والاجتناب عن المحرمات في الجملة ، لما نالته شفاعة الأولياء ، فالسعي الذي قام به طيلة حياته على وجه حفظ به علاقاته مع الله سبحانه ومع أوليائه ، هو المصحح للشفاعة والموجب لمغفرته بدعاء الشفيع.
ولأجل ذلك حثّت الأحاديث على تحديد شفاعة الأولياء وانّه لا تنال عدة من العصاة ، كتارك الصلاة وعاق الوالدين وغير ذلك.
إنّ طلب الشفاعة من الأولياء والأنبياء شرك بالله سبحانه ، أو أمر محرم.
الجواب
قد أشبعنا الكلام في معنى الشفاعة وحدودها وشرائطها وبقي هنا بحث ، وهو انّه هل يجوز طلب الشفاعة من الشفعاء الحقيقيين أو لا ؟ ذهب ابن تيمية وخريج مدرسته محمد بن عبد الوهاب إلى أنّه لا يجوز طلبها من غيره سبحانه ، لأنّ طلبها من غيره عبادة له ، أو لا أقل من أنّه أمر محرم ، واختار جمهرة المسلمين جوازه من غير فرق بين أن يكون الشفيع حياً أو ميتاً.
وهذا الإشكال وان لم يكن مربوطاً بأصل الشفاعة لكنه يمت إليها بنحو من الارتباط ، فأردنا أن نبحث عنه في عداد الإشكالات فنقول : اتفق المسلمون على أصل الشفاعة وانّ هناك عباداً مخلصين وأصفياء كراماً يشفعون يوم القيامة بل يشفعون في هذه الدنيا والبرزخ ويوم القيامة وهذا مما لا خلاف فيه بين المسلمين ، إلاّ من شذ وندر ممن فسر الشفاعة بغير معناها الصحيح ، إلاّ انّ الكلام في أنّه هل