يجوز طلب الشفاعة من المأذون له من الأنبياء والأولياء بعد الاتفاق على تحريم ذلك الطلب من غير المأذون ، أو لا يجوز ؟
قال ابن تيمية ومن لف لفه من أنّه لا يجوز للمؤمن إلاّ أن يقول : اللّهم شفّع نبينا محمداً فينا يوم القيامة ، أو اللّهم شفّع فينا عبادك الصالحين أو ملائكتك أو نحو ذلك مما يطلب من الله لا منهم ، فلا يقال : يا رسول الله أو يا ولي الله أسألك الشفاعة أو غيرها مما لا يقدر عليه إلاّ الله ، فإذا طلبت ذلك في أيام البرزخ كان من أقسام الشرك (١).
ولأجل هذا يجب الغور في هذه المسألة حتى يتضح الحق لمبتغيه بأجلى مظاهره.
يمكن الاستدلال على جواز هذا الطلب بوجوه كثيرة نشير إلى بعضها :
الأوّل : انّ حقيقة الشفاعة ليست إلاّ دعاء النبي والولي في حق المذنب ، وإذا كانت هذه حقيقته في جميع المواقف أو في بعضها فلا مانع من طلبها من الصالحين ، لأنّ غاية هذا الطلب هو طلب الدعاء ، فلو قال القائل : « يا وجيهاً عند الله اشفع لنا عند الله » يكون معناه : ادع لنا عند ربك ، فهل يرتاب في جواز ذلك مسلم ؟
ولست أراك تشك في أنّ طلب الدعاء هو نفس الاستشفاع ، وانّ حقيقة الشفاعة هي الدعاء ، ولأجل ذلك نرى انّ العلاّمة نظام الدين النيسابوري ، صاحب التفسير الكبير ينقل في تفسير قوله سبحانه : ( مَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً
__________________
(١) الهدية السنية : ٤٢.