ترك الصحف ، فكل نبي جاء بعد موسى أخذ بالتوراة وشريعته ومنهاجه ، حتى جاء المسيح بالإنجيل ، وبعزيمة ترك شريعة موسى ومنهاجه ، فكل نبي جاء بعد المسيح أخذ بشريعته ومنهاجه ، حتى جاء محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقرآن وشريعته ومنهاجه ، فحلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة ، فهؤلاء أُولو العزم من الرسل » (١).
وعلى ذلك جرى شيخنا الصدوق في « الاعتقادات » وقال :
« إنّ سادة الأنبياء خمسة ، الذين دارت عليهم الرحى ، وهم أصحاب الشرائع وهم أُولو العزم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم » (٢).
قد عرفت هذه الفروق المذكورة في كتب التفسير والمعاجم واتضح لك أنّه لا يوافقها الذكر الحكيم ، والذي يحصل من الجميع أنّ الرسول أخص من النبي وهم أعم منه ، ولكن هناك من الضالين من حرّف الكلم عن مواضعه (٣) فصوّر
__________________
(١) المحاسن : ٢٦٩ ، بحار الأنوار : ١١ / ٥٦.
لو كان الملاك بعدهم من أُولي العزم ، هو ترك كل واحد كتاب من قبله بعزيمة ، يلزم أن لا يكون نوح منهم إذ لم يكن شريعة ولا كتاب قبله ، حتى يتركها بعزيمة.
أضف إلى ذلك أنّ المسيح لم يترك شريعة موسى ، بل بيّن لبني إسرائيل بعض الذي اختلفوا فيه ( الزخرف : ٦٣ ) وأحلّ لهم بعض الذي حرم عليهم ( آل عمران : ٥٠ ) وليس ذلك تركاً للشريعة ورفضاً لها ، كما هو ظاهر الرواية ، ولأجل هذه الجهات تحتاج هذه الرواية وما تقدم عليها ، إلى البحث والإمعان أكثر من هذا ، وقد أوضحنا الحال في الجزء الثالث من هذه السلسلة. لاحظ : ١٠٧ ـ ١١٥.
(٢) اعتقادات الصدوق : ٩٢.
(٣) ثاني الفروق وثالثها.