المقام الأوّل
ما هو المراد من ( المَوَدَّةَ فِي القُرْبَىٰ ) ؟
قبل كل شيء نلفت نظر القارئ إلى أمرين :
الأوّل : أنّه لا مجال للشك في أنّ هذه الآية كانت واضحة المفهوم ، بيّنة المراد عند نزولها ، ولم تكن تشير إلاّ إلى معنى واحد.
الثاني : أنّه لا شك في أنّ السلف هم أفضل من يمكن الرجوع إليهم في تفسير مفاد الآية لقرب عهدهم بعصر الرسالة.
وعلى هذين الأمرين نبدأ بتفسير الآية ، ولنقدم عرض مفرداتها على معاجم اللغة ، وفي محاولتنا لعرضها على اللغة لا تمس الحاجة إلى البحث إلاّ عن كلمتين وهما : ( المَوَدَّةَ ) و ( القُرْبَىٰ ).
أمّا كلمة « المودَّة » : فقد اتفقت كتب اللغة والقواميس على أنّها لا تعني إلاّ شيئاً واحداً ، وهو : المحبة ، فإذا قيل فلان يودّ فلاناً معناه : أنّ فلاناً يحب فلاناً.
يقول ابن فارس في مادة ود : « الود » أي الحب ، وددته أي أحببته.
ثم قد تأتي كلمة الود بمعنى الحب مع التمني ، كما لو قيل وددت أنّ ذلك كان : إذا تمنيته.
ويقول الفيروزآبادي في قاموسه في باب ود : « الود » و « الوداد » تعني « الحب ».