المختار منهم لا رسولاً إليهم جميعاً ، وعند ذاك يصح ما يراه القائل من كون رسالة الرسول حتى رسالة الملك بين الملائكة ، تتوقف على نزول ملك من السماء إليه ، ينبئه بأخبار السماء ، مع أنّ ظاهر الآية خلافه وانّ الملك النازل هو بنفسه نبي الملائكة ورسولهم لا أنّه ينزل هذا الملك على ملك آخر ليكون هو الآخر رسولاً.
وأمّا الآية الثانية فلها إشعار بهذا القول ، ولا يبلغ حد الدلالة ، لأنّ طلب موسى من الله سبحانه أن يرسل جبرئيل إلى أخيه ليخلع عليه الرسالة ، لا يدل على تحديد مفهوم الرسالة بنزول الملك فقط بل هو أحد طرقها لا طريقها المنحصر.
النبي من يوحى إليه في المنام (١) فيطلع على بعض الملاحم والمغيبات ، ولكن الرسول يشاهد الملك ويعاينه ويكلّمه ويراه.
والموافقة مع هذا القول مشكلة.
فإن أُريد أنّ النبي عبارة عمن يوحى إليه في المنام ، وان حيثية النبوة قائمة بالإيحاء إلى النبي بالمنام فقط ، كما انّ الرسالة متقومة بمعاينة الملك ومشاهدته ، فيرده أنّ النبي صفة مشبهة بمعنى المطلع على الغيب على زنة اللازم أو المخبر عن الغيب ( إذا كان بمعنى الفاعل كما هو ظاهر بعض المعاجم ) من أي طريق اتفق ، سواء أكان بالإيحاء إليه في النوم ، أو بإلقاء في قلبه وروعه ، أو بسماع الكلام من جبل أو شجرة أو بمعاينة الملك ومخاطبته ، فلا دليل على اختصاصه بالاطلاع على الغيب بالإيحاء إليه في المنام.
__________________
(١) أوعز إليه في مجمع البحرين في مادة « النبأ » ، ونقله قولاً في مجمع البيان : ٧ / ٩١ ، والرازي في مفاتيحه : ٦ / ٣٤٤ ، واختاره صاحب الميزان في مواضع من كتابه : راجع ١ / ٢٨٠ ، و ١٣ / ٢٢١ ـ ٢٢٢ ، و ١٤ / ٤٢٩ ـ ٤٣٠ ، وما نقلناه من الكلمات في ذيل الفرق الرابع الماضي ربما يمكن أن يشير بعضها إلى هذا الوجه.