سبحانه بل أعم منه ، ومن هنا تجد القرآن يتوسع في استعمال كلمة « الرسول » من ناحيتين :
الأولى : التوسع من ناحية المرسل ـ بالفتح ـ حيث أطلقه على الملك المكلّف من قبله تعالى ، بإنفاذ عمل كقوله سبحانه : ( قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ) (١) وقوله سبحانه : ( اللهُ يَصْطَفِي مِنَ المَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ ) (٢) ، وقوله سبحانه : ( حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ ) (٣) ، وهذا بخلاف النبي فإنّه لا يطلق إلاّ على البشر.
الثانية : التوسع من جانب المرسل ـ بالكسر ـ فلا يخصه بالمرسل من ناحيته سبحانه بل يطلقه على مطلق المبعوث من جانب الغير كقوله سبحانه : ( وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ ) (٤) ولا نفهم من ( الرَّسُولُ ) في الآية إلاّ نفس المعنى الذي نفهمه من قوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ) (٥) وهذا التوسع (٦) في لفظ الرسول في ناحيتي المرسل ( بالكسر ) والمرسل من خصائص الرسالة ولا يوجد شيء منه في النبي ، فلا يطلقه القرآن إلاّ على البشر ـ دون الملك ـ وعلى الذي يوحى إليه من ناحيته سبحانه دون غيره.
__________________
(١) هود : ٨١.
(٢) الحج : ٧٥.
(٣) الأنعام : ٦١.
(٤) يوسف : ٥٠.
(٥) المائدة : ٦٧.
(٦) بل يجري نظير هذا التوسع في لفظ المرسل ، لقوله سبحانه : ( إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُرْسَلُونَ ) ( يس : ١٤ ) ، فقد اتفقت كلمة أكثر المفسرين على أنّ المراد منه في الآية الفرقة المبعوثة من جانب المسيح إلى ابلاغ دينه وقوله سبحانه : ( وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المُرْسَلُونَ ) ( النمل : ٣٥ ).