نعم بقي هنا سؤال
وهو انّه إذا سلمنا انّ النبي والرسول لا يقصد منهما أزيد مما يفيده لفظهما بحسب المفهوم ولا فرق بينهما إلاّ في المعنى الجوهري الذي يدلاّن عليه ، وانّ ما ذكر من الفروق كلها خارج عن صلب المعنى وما وضع له اللفظ ، فكيف نفسر قوله سبحانه : ( وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً ) (١) وقوله سبحانه : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) (٢) ؟
إنّ مفاد هذه الآيات على ما حقّقناه واضح ، أمّا فيما إذا وقعا وصفين لشخص واحد مثل قوله سبحانه : ( وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً ) (٣) وقوله سبحانه : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ ) (٤) فالمراد الدلالة على أنّه واجد لكلا المنصبين ، ومتصف بكلتا الحيثيتين إذ للفرد الموحى إليه ، المبعوث من الله سبحانه لإبلاغ أحكامه ، شؤون ومناصب أو صفات وحالات ، فبما انّه يوحى إليه وله اتصال بالمبدأ الأعلى ومطلع على الغيب أو منبئ عنه فهو نبي ، وبما أنّه يتحمل رسالة من الله تعالى ويتم حجته على العباد ، ويجب عليه إرشاد الناس وإنذارهم ، فهو رسول ( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ) (٥).
__________________
(١) مريم : ٥٤.
(٢) الحج : ٥٢.
(٣) مريم : ٥٤.
(٤) الأعراف : ١٥٧.
(٥) النساء : ١٦٥.