الوحي ، فإنّ واحداً من هذه المعاني لا يخطر ببال أي عربي عند سماع هذين اللفظين.
نعم إذا اجتمعا في الذكر ، وأشارا إلى طائفتين مثل قوله سبحانه : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ ) ، فالاعتراف بظهور الآية فيما ادّعاه القائل من دلالة اللفظين على أنّ هنا طائفتين ، مختلفتين ، لكل منهما صفة وخاصية ، يدفعنا إلى إبداء الفرق بينهما بأحد من الوجوه المذكورة في كلمات القوم مضافاً إلى ما يفيده لفظهما فيكون وزان النبي والرسول وزان الظرف والجار والمجرور والفقير والمسكين ، « إذا افترقا اجتمعا ، وإذا اجتمعا افترقا » وقد عرفت حال الوجوه السالفة ، وأقربها إلى الاعتبار هو الوجه الرابع المؤيد ببعض الروايات.
انّ منصب النبوّة أسمى من مقام الرسالة ، والنبي بما هو نبي ، أشرف من الرسول بما هو رسول ، لما عرفت انّ الحيثية المقومة للنبوة ، هي الاتصال بالله واستعداد النفس لوعي ما ينزل به الوحي من المبدأ الأعلى ، والحيثية المقومة للرسالة هي تحمل تنفيذ عمل أو ابلاغ قول من المرسل ، وأين شرف الاتصال بالله والمبدأ الأعلى من شرف تحقيق عمل في الخارج أو إبلاغ كلام عن شخص إلى الغير ؟
وقد عرفت أنّ النبي لم يستعمل في القرآن إلاّ في الإنسان الموحى إليه ، المبعوث من ناحيته سبحانه إلى الناس ، وأمّا الرسول فقد توسع فيه القرآن ولا يختص بالإنسان الموحى إليه من الله ، بل يستعمل في الأعم.
وبذلك يمكن أن يقال : إنّ النبي في مصطلح القرآن أفضل من مطلق الرسول ، فإنّ في توصيف الشخص بكونه نبياً يدل على كونه قد احتل مكانة مرموقة ، وليس كذلك عند وصفه بكونه رسولاً ، إذ يحتمل أن يكون نبياً مرسلاً من