عن أمره ونهيه ، كما هو صريح قوله سبحانه : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ ) (١) هو المبعوث من جانب الله ، المبلّغ عنه أحكامه ودساتيره ، المؤدي عنه سبحانه كل ما يقوله ، من صغير وجليل ، ولا يصير الإنسان مؤدياً عنه سبحانه إلاّ إذا استمسك بباب الوحي واعتصم به واستند إليه في قوله ونقله وإبلاغه واتصف بالتنبّؤ به (٢).
قد تبين في الأمر المتقدم ، انّ القسم الخاص من الرسول (٣) أعني : الإنسان المبعوث من جانب الله سبحانه ، هو نفس النبي مصدقاً وانّ النسبة بينهما من حيث المصداق هي التساوي ، وعلى ذلك فلا فرق بين أن تقول : « محمد رسول الله وخاتم النبيين » أو تقول : « وخاتم الرسل » للتلازم بين الأمرين ، من حيث المصداق ، فلو فرض أنّه أوصد باب النبوة وختم نزول الوحي إلى أي إنسان ( كما تشير إليه مادة النبأ والنبوة ) فعند ذاك يختتم باب الرسالة الإلهية أيضاً بلا ريب وتردّد ، لأنّها تحقيق ما تحمّله النبي من جانب الله عن طريق الوحي ، فإذا انقطع الوحي ، والاتصال بالمبدأ الأعلى والاطلاع على ما عنده سبحانه ، فعند ذاك ، فقد أحد أركان الرسالة ، أو ركنها الركين ، أي التبليغ من جانب الله مستنداً إلى الوحي
__________________
(١) النساء : ٦٤.
(٢) ويدل على ذلك ما استفاض نقله عن الصادقين عليهماالسلام : « إنّ الله تبارك وتعالى اتّخذ إبراهيم عبداً قبل أن يتّخذه نبياً وانّ الله تعالى اتّخذه نبياً قبل أن يتّخذه رسولاً ، وانّ الله اتّخذه رسولاً قبل أن يتّخذه خليلاً ، وانّ الله تعالى اتّخذه خليلاً قبل أن يجعله إماماً ». ( الكافي : باب طبقات الأنبياء والرسل : ٩٤ ).
(٣) قد عرفت أنّ الرسول في القرآن هو صاحب الرسالة سواء تحملها من الله ، أو من جانب نبيّه أو من جانب شخص عادي ، ولأجل ذلك خصصنا الكلام بالقسم الخاص.