إلى هنا تم ما أورده الكليني في هذا الباب ، واتضح عدم الفرق الجوهري بين الروايات التي نقلناها في القسم الثالث والرابع والخامس وان مآل الجميع واحد.
السادس : ما يظهر منه انّ عدد المرسلين لا يعدو عن ثلاثمائة وثلاثة عشر والنبيين أكثر من المرسلين بكثير :
روى الفريقان عن أبي ذر ، انّه سأل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : قلت يا رسول الله كم النبيّون ؟ قال : « مائة وأربعة وعشرون ألف نبي » ، قلت : كم المرسلون ؟ قال : « ثلاثمائة وثلاثة عشر جماً غفيراً » (١).
هذه المأثورات عن أهل البيت بين صحاح وحسان ولا منتدح للباحث عن التعرض لها وتوضيح مضامينها ، فنقول :
أمّا القسم الأوّل والثاني فلا يخالف ما احتملناه من أنّ الرسول (٢) والنبي متساويان في الصدق وإن لم يكونا مترادفين ، فإنّ القسم الأوّل يسوق النبيين والمرسلين معاً إلى أربع طبقات من دون أن يفرّق بينهما قدر شعرة ، وأمّا على القول بكون النبي أعم ـ كما هو الحال في النبي الأعظم في بدء الوحي ـ فلا بد من توجيه الرواية على وجه لا يخالفه ، كما قلنا ، من أنّ كلاً من اللفظين يشير إلى جهة خاصة هي مدلولهما الوضعي على ما أوضحناه.
__________________
(١) بحار الأنوار : ١١ / ٣٢ من الطبعة الحديثة.
(٢) المراد من الرسول : الرسول من جانب الله سبحانه ، لا مطلق الرسول ، وقد عرفت أنّ القرآن يتوسع في إطلاق الرسول إلاّ أنّ البحث في هذه الروايات إنّما هو عن الرسول الخاص الدائر في الألسن ، لا مطلق الرسول.