المقام الخامس
مناقشة الاحتمالات الواردة حول آية المودَّة
قد عرفت في المقام الأوّل أنّ المفهوم من المودة في القربى هو موالاة أقرباء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم يفهم صحابة النبي ولا جمهور المفسرين إلاّ هذا المعنى ، وقدّمنا لك أسماء الذين رووا هذا المعنى عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم عند البحث عن الحديث الوارد حول الآية.
غير أنّ بعض المفسّرين أضاف إلى المعنى المختار محتملات أُخر ، يأباها الذوق السليم ، ولا يرتضيها العارف بأساليب الكلام البليغ ، ولأجل ذلك ليست تلك المحتملات إلاّ مجرد احتمالات فارغة ، ودونك بيانها :
الأوّل : لم يكن بطن من بطون قريش إلاّ وبين رسول الله وبينهم قربى ، فلمّا كذّبوه وأبوا أن يبايعوه نزلت الآية ، والمعنى إلاّ أن تودوني في القربى أي في حق القربى ، ومن أجلها كما تقول : الحب في الله ، والبغض في الله بمعنى في حقه ومن أجله ، يعني انّكم قومي وأحق من أجابني ، وأطاعني ، فإذ قد أبيتم ذلك فاحفظوا حق القربى ، ولا تؤذوني ، ولا تهيجوا عليّ (١). وعلى ذلك يكون « في » للسببية ، ومفاد الآية إلاّ مودتي لسبب القرابة.
__________________
(١) الكشاف : ٣ / ٨٢ ، ط مصر عام ١٣٦٨ ه ، المفاتيح للرازي : ٧ / ٣٨٩ وعلى هذا التفسير يكون « القربى » بمعنى الرحم.