ولهذا السبب كان منتحلو النبوة ـ كذباً ـ ينكرون معاجز الأنبياء ، أو يتأوّلونها تخلّصاً من الإحراج إذا طالبهم الناس بالمعجزة ، على العكس من سيرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأقواله الذي أخبر بصراحة عن معاجز الأنبياء بالتفصيل ، كما أخبر أنّ دعوات الأنبياء ما كانت تنفك عن طلب المعاجز منهم ، فما من نبي راح ينذر قومه إلاّ وطالبوه بأن يظهر لهم معجزة يبرهن بها على صدق مدّعاه وصدق رسالته ، وقد أسلفنا بعض الآيات في هذا المورد.
إنّ القرآن يخبر ـ بصراحة ـ عن وقوع معاجز غير القرآن على يدي الرسول الأمين ، وإليك الآيات القرآنية الواردة في هذا المورد :
قال سبحانه : ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ القَمَرُ * وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جَاءَهُم مِنَ الأَنبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ) (١).
أطبق المفسرون مثل الزمخشري في كشافه ، والطبرسي في مجمعه والرازي في مفاتيحه على ما يلي :
اجتمع المشركون إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : إن كنت صادقاً فشق لنا القمر فلقتين. فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم: « إن فعلت تؤمنون ؟ » قالوا : نعم ، وكانت ليلة بدر ، فسأل رسول الله ربّه أن يعطيه ما قالوا ، فانشق القمر فلقتين ، ورسول الله ينادي : « يا فلان يا فلان اشهدوا ».
__________________
(١) القمر : ١ ـ ٤.