بالحمد لله فهو أجذم»
وقد جاء في بعض الروايات : «لا يبدء فيه بذكر الله» وعلى هذا يمكن التوفيق ، بين الحديثين السابقين ، بان يراد بكل منهما الذكر المطلق ، لا خصوص (بسم الله الرحمن الرحيم) ولا خصوص (الحمد لله).
وهذا من حمل المقيد على المطلق بالغاء قيده ومحل حمل المطلق على المقيد اذا لم يكن المقيد مقيدا بقيدين متنافيين أما اذا كان كذلك كما فيما نحن فيه ، اذ أحدهما مقيد بخصوص اسم الله ، والاخر بخصوص حمده ، فحينئذ يحمل المقيد على المطلق ، لان القيدين يتعارضان فيتساقطان ويرجع الى المطلق. على ما بين في الاصول. او يوفق بين الحديثين بحمل حديث البسمله على الابتداء الحقيقى بحيث لا يسبقه شىء ، وحديث الحمد له على الابتداء الاضافي او العرفي.
ولم ـ يعكس وان احتمل جوازه بعضهم ـ لأن حديث البسملة اقوى بكتاب الله الوارد على هذا الترتيب كما اشرنا اليه. على ان تقديم البسملة أولى وأحسن لانها تتضمن الحمد له ، لان فيها ثناء عليه تعالى بصفة الرحمة.
هذا ولكن شبهة التعارض بين الحديثين مبنية على خمسة امور ، في كل منها منع ظاهر على ما نشير اليه :
الاول : كون المراد من البدء في كل واحد منهما حقيقيا ، بان يقال : معنى بدء الشيء بالشيء : تصديره به وجعله قبل ذلك الشيء. ولا شك ان البدء بهذا المعنى اذا حصل قبل امر ذي بال باحد من البسملة او الحمد له لا يمكن ان يحصل البدء بهذا المعنى بالاخر منهما.