أهل بيته لحوقا به كما مر ... فضلت تبكي وتبكي إلى أن جاء شيوخ أهل المدينة يظهرون لعلي انزعاجهم وتأذيهم من بكاء فاطمة ويطالبونه بأمرها بالكف عن ذلك أو تخييرها بين البكاء ليلا فقط أو نهارا فقط ، فبنى لها أمير المؤمنين علي (ع) بيتا خارج المدينة سمي بيت الأحزان. هناك واصلت مأساتها.
ويوما فيوما راحت تذبل تلك الزهرة اليانعة. وأخذ المرض منها مأخذا ، يقول الإمام الصادق (ع) ... (فأسقطت محسنا ومرضت من ذلك مرضا شديدا وكان ذلك هو السبب في وفاتها) .. كيف لا يكون كذلك وهي ابنة ثمانية عشر عاما .. لقد اكتملت عليها المصائب بضربها واقتحام دارها فكانت البداية والنهاية ... وصارت طريحة الفراش تنتظر أجلها الذي اقترب منها سريعا وبجانبها علي (ع) ، يقول الإمام زين العابدين (ع) عن أبيه الحسين (ع) قال : لما مرضت فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أوصت علي بن أبي طالب (ع) أن يكتم أمرها ويخفي خبرها ولا يؤذن أحدا بمرضها ، وكان يمرضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس على استمرار بذلك.
لقد يئست الزهراء من أهل المدينة الذين طلبت نصرتهم فلم ينصروها لقد سئمتهم وزهدت في مروءتهم فبلغ بها الأمر ألا تريد رؤيتهم في مرضها الأخير .. يكفيها علي (ع) ليقف بجانبها وهي على هذه الحالة.
في اليوم الأخير قبيل رحيلها نامت الزهراء (ع) في ساعة من ساعات ذلك اليوم وإذا بها ترى أباها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام في قصر من الدر الأبيض فلما رآها صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : هلمي إلي بنية فإني إليك مشتاق!!
فقالت : والله إني لأشد شوقا إليك فقال لها : أنت الليلة عندي.
انتبهت من غفوتها وبدأت الاستعداد للحوق بأبيها .. إن هي إلا ساعات تقضيها في هذه الدنيا الفانية ويتحقق قول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لها