ولم يوضح شيئا ـ كما يظنون ـ عن أخطر فتنة يمكن أن تتعرض لها الأمة وهي الخلافة بحسب منهجهم ، وهو الذي يحمل على عاتقه تبليغ خاتمة الرسالات ولم يترك فيها كبيرة ولا صغيرة يحتاجها الناس إلا وبينها لهم حتى أحكام التخلي فكيف بقيادة الأمة ونظام الحكم في الإسلام؟ بل إن القول في الشورى عندهم عبارة عن اجتهادات لعلماء رسموا مفهومها الديني بناء على ما جرت عليه الأحداث ، فقالوا يجوز لولي الأمر أن يعين خليفته كما فعل أبو بكر ، ويمكن أن تنعقد البيعة لأحدهم بمبايعة فرد واحدكما بايع العباس عليا بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وكما بايع عمر أبا بكر ، ومنهم من قال إن الشورى تنعقد بأهل الحل والعقد ولكن دون توضيح من هم أهل الحل والعقد ومن الذي يعينهم ، وبعضهم جمع بين كل ذلك وتاه في ظلمات بعضها فوق بعض ... وكل ذلك تقول على الدين لا يؤيده دليل عقلي ولا نقلي اللهم إلا الآيتان الشريفتان وهما أجنبيتان عن المقام ولا يمكن تثبيت هذه الشورى المزعومة بهما.
الآية الأولى :
قوله سبحانه وتعالى : ( وشاورهم في الأمر ، فإذا عزمت فتوكل على الله ) (سورة آل عمران : آية / ١٥٩).
استدلوا بهذه الآية على أصل الشورى وقالوا إن الخلافة والإمامة بالشورى في حين أن الآية واضحة في خلاف مرادهم إذ أنها تخاطب الحاكم الذي استقرت حكومته وتوجهه لمشاورة الرعية لأنه هو الذي يشاور ، ونفس الآية تشير إلى أن هنالك ثمة رئيس (حاكم) بعد أن يمحص الآراء والأفكار يأخذ بالنافع منها ثم يعزم هو على ما ارتآه بعد المشاورة متوكلا على الله .. كذلك تبين الآية أن الأمر هنا غير الحكومة ، فبدون الحاكم لا وجود للشورى لأنها تحتاج إلى حاكم يكون قيما عليها ليعزم ويتوكل على الله ، وبناء على هذه الآية