لقد وطئ الحسنان وشق عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم ، فلما نهضت بالأمر » نكثت طائفة ومرقت أخرى وقسط آخرون » (١) كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ) بلى : « والله لقد سمعوها ووعوها ، ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها » الشقشقية.
كان طلحة والزبير ذوا حظوة حتى عهد عثمان ، وكانا يطمعان في الكثير على عهد علي (ع) ، وعندما لم يجدا بغيتهما عند إمام العدل أضمرا في نفسيهما أمرا وطلبا الإذن من علي (ع) بعد أن بايعاه بالذهاب إلى مكة للعمرة فأذن لهما وهو يعلم ما يضمران وقال لأصحابه : « والله ما أرادا العمرة ولكنهما أرادا الغدرة » ولحقا بعائشة في مكة وحرضاها على الخروج.
في النصف الثاني من حقبة خلافة عثمان بن عفان كانت السيدة عائشة « من أشد الناس على عثمان حتى أنها أخرجت ثوبا من ثياب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فنصبته في منزلها وكانت تقول للداخلين إليها : هذا ثوب رسول الله لم يبل وقد أبلى عثمان سنته .. وقالوا أنها كانت أول من سمى عثمان نعثلا (اسم أحد اليهود بالمدينة) ، وكانت تقول اقتلوا نعثلا! قتل الله نعثلا (٢).
وكما تنقل إلينا المصادر التاريخية كانت السيدة عائشة بمكة ، خرجت إليها
ــــــــــــــــ
(١) ـ أصحاب الجمل ـ الخوارج ـ صفين بالتوالي.
(٢) ـ الطبري ج ٣ / ٤٧٧.