قبل أن يقتل عثمان ، فلما قضت حجها انصرفت راجعة ، فلما صارت في بعض الطريق ، لقيها ابن أم كلاب (أحد معارفها) فقالت له : ما فعل عثمان قال : قتل! قالت : بعدا وسحقا.
ولكن ما نعجب له هو مسيرها بجيش جرار لقتال علي (ع) لأنه قتل عثمان كما تزعم ، فكيف تطالب بقتل عثمان ثم تقود الجيوش للأخذ بثأره؟!
يقول الطبري عندما لقيت عائشة ابن أم كلاب الذي أخبرها بمقتل عثمان قالت : ثم صنعوا ماذا؟ قال : أخذها أهل المدينة بالاجتماع فجازت بهم الأمور خير مجاز ، اجتمعوا على علي بن أبي طالب فقالت : والله ليت أن هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لصاحبك ، ردوني ، فانصرفت إلى مكة وهي تقول : قتل والله عثمان مظلوما والله لأطلبن بدمه فقال لها ابن أم كلاب : ولم! فوالله إن أول من أمال حرفه لأنت ولقد كنت تقولين اقتلوا نعثلا فقد كفر » (١).
وللرجل كل الحق في تعجبه هذا ، ولكن بنظرة سريعة لتاريخ عائشة مع علي (ع) نجد أنها لم تكن على توافق معه منذ عهد رسول الله ، وكلماتها التي ذكرناها آنفا تدلل على مدى بغضها لعلي (ع) والذي ترجم إلى الحرب والتأليب والتحريض بل وقيادة جيش لقتاله ، وقد تقدم قول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم « لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق » ونفس هذه المصادر التي ذكرت الحديث تخبرنا عن بغض عائشة لعلي (ع) حتى أنها كانت لا تطيق ذكر اسمه (٢) وينقل الإمام أحمد بن حنبل « إن أبا بكر جاء مرة واستأذن على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقبل الدخول سمع صوت عائشة عاليا وهي
ــــــــــــــــ
(١) ـ الطبري ج ٣ / ٤٧٦ ـ ٤٧٧.
(٢) ـ البخاري ج ١ ص ١٦٢ ـ ج ٣ ص ١٣٥ ـ ج ٥ ص ١٤٠.