أذكر هنا أن أحد الشباب الذين خدعوا بالوهابية جرى حوار بينه وبين أحد الإخوة وكان محور حديثهما التوحيد وكان هذا الوهابي مصرا على أن لله مكانا وحيزا يوجد في العرش فوق السماوات ، فقال له الأخ : يعني إذا اخترعت صاروخا يسير أسرع من الضوء واتجهت به إلى السماء هل بإمكاني الوصول إلى مكان الله ووجوده هناك؟
قال : نعم! .. فضحك الأخ وقرر الصمت.
هذا حال التوحيد الذي من أجله بعث الأنبياء عند القوم ، أما الشيعة فإن أئمتهم لم يتركوا لهم مجالا ليشطوا عن الحق والمعرفة الصحيحة كما فعل غيرهم ، وإنما تركوا لهم كنوزا من المعارف الإلهية نزل بها الوحي على النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ويكفي من ذلك ما جاء في نهج البلاغة عن علي بن أبي طالب (ع) يقول في إحدى تلك الخطب مبينا حقيقة التوحيد :
« الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ، ولا يحصي نعماءه العادون ، ولا يؤدي حقه المجتهدون ، الذي لا يدركه بعد الهمم ، ولا يناله غوص الفطن ، الذي ليس لصفته حد محدود ، ولا نعت موجود ولا وقت معدود ولا أجل ممدود فطر الخلائق بقدرته ونشر الرياح برحمته ، ووتد الصخور ميدان أرضه.
أول الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ، وكمال توحيده الإخلاص له. وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف ، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة ، فمن وصف الله فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزأه ومن جزأه فقد جهله ، ومن جهله فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حده ، ومن حده فقد عده ، ومن قال (فيم) فقد ضمنه ومن قال (علام) فقد أخلى منه كائن لا عن حدث ،