الذين جاؤوا لأقوامهم حتى يخرجوهم من الظلمات إلى النور ولكن كل قوم كذبوا رسولهم وانقلبوا على رسالته من بعده وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم ليس بدعا من الرسل كما أوضحنا بل إن نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أوذي أكثر من غيره كما جاء عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلماذا لا يكون الاختلاف من بعده أكبر وأخطر من الاختلاف الذي كان في أقوام الرسل السابقين.
يقول ابن كثير (وقال هاهنا تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله) يعني موسى (ع) ومحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) وبناء على قوله هذا يكون الاختلاف بعد الرسل يشمل أمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
من خلال الآية الكريمة نرى أن الاختلاف دائما ما يكون بعد أن تأتيهم البينات ويعرفوا الحق ويتبينوا الأمر بواسطة الرسول ، ومعنى ذلك أنه لا يجدي التمسك بشماعة التبرير المعروفة باسم « الاجتهاد ». والواقع العملي في أمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم يرينا أن الاختلاف وقع فيها كالأمم السابقة وبعد أن بين لهم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم معالم الصراط المستقيم ونصحهم وهو القائل « ما منشيء يقربكم إلى الجنة ويبعدكم عن النار إلا وأمرتكم به ». يقول سيد قطب في تفسير الآية (ولم تغن وحدة جماعة الرسل في طبيعتهم ووحدة الرسالة التي جاؤوا بها كلهم لم تغن هذه الوحدة عن اختلاف أتباع الرسل حتى ليقتتلون من خلاف) (٢).
٣ ـ وأن نتيجة هذا الاختلاف أن فريقا تمسك بالحق فآمن وآخر كفر ،
ــــــــــــــ
(١) ـ تفسير ابن كثير ج ١ ص ٢٦٣.
(٢) ـ في ظلال القرآن ج ١ ص ٢٨٤.