وذلك يعني أنهم ليسوا في مرتبة واحدة أو أنهم جميعا على الحق.
لكن لماذا يكون الاختلاف بعد البينات؟ هذا ما تكفلت بالإجابة عليه مجموعة من الآيات التي تكررت في القرآن الكريم ليؤكد الله سبحانه وتعالى استمرار السنن في الأرض ويبين طبيعة الإنسان الظلمانية التي تنجذب دائما لرغباته وأهوائه وجهله ..
يقول تعالى : ( وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم ) (١) ، (وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ) (٢) ، ( وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ) (٣) ، ( وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ) (٤).
نجد أن الآيات القرآنية تربط دائما بين الاختلاف والبغي ، و (معناه) في اللغة كما جاء في لسان العرب لابن منظور : التعدي ، وبغى الرجل علينا بغيا : عدل عن الحق واستطال ومعان أخرى تدل على سوء النية وهي كما لا يخفى مغايرة لمعنى الاجتهاد الذي أصبح صكا يعصم كل المنحرفين عن المسألة والمحاسبة ٤ ـ كما نجد في هذه الآيات :
أن الاختلاف يكون بين الذين أوتوا الكتاب أي أنهم عالمون بالحق ويدركون جهته ولكنه البغي فتأمل أيها المؤمن وتدبر ، تلك آيات الله ( ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب ) (٥).
الاطار الثاني : كثيرا ما يضع الفرد منا مباني يبني عليها طريقة تفكيره
ـــــــــــــــــ
(١) ـ سورة البقرة : آية / ٢١٣.
(٢) ـ سورة آل عمران : آية / ١٩.
(٣) ـ سورة الشورى : آية / ١٤.
(٤) ـ سورة الجاثية : آية / ١٧.
(٥) ـ سورة البقرة : آية / ١٩.