لأننا لو قلنا بذلك لطعنا في نبوته وكلماته القدسية التي نؤمن جميعا بأنها حجة لا زيغ فيها ولا هوى .. قال عبد الله بن عمرو بن العاص : كنت أكتب كلشيء أسمعه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فنهتني قريش وقالوا تكتب كلشيء سمعته من رسول الله وهو بشر يتكلم في الغضب والرضا؟ فأمسكت عن الكتابة فذكرت ذلك لرسول الله فأومأ بأصبعه إلى فيه وقال : « أكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق ».
إن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم لا ينطق إلا صدقا وعدلا فلنضع كلماته عن الزهراء نصب أعيننا ونحن نقرأ عن موقفها بعد وفاته ولا نترك للشيطان سبيلا يتسلل منه .. لان فهمنا لهذه النقطة يمهد لنا السبيل لفهم موقف فاطمة (ع).
الملاحظة الثانية :
إنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ركز في شخصية فاطمة على قدسيتها وخلوصها لله تعالى وقربها منه صلىاللهعليهوآلهوسلم بحيث يجعلك تأخذ الاحساس بأنها جزء منه ما يصيبه كأنما أصابها وما يصيبها كأنما أصابه وأنها تمثله جسدا وموقفا ..
تعبر عنه وهو المعبر عن إرادة الله تعالى وذلك في مجمل أحاديثه عن فاطمة « من أسخط فاطمة فقد أسخطني » « من أغضب فاطمة قد أغضبني ومن أغضبني فقد أغضب الله » .. وعلى هذا المنوال.
ولقد استوقفني كثيرا محور كلام الرسول عن ابنته والذي كان يدور حول غضبها وسخطها ورضاها وكأنه ـ بأبي وأمي ـ يلمح للأمة بمصيبتها وابتلائها في موقفها من الزهراء .. وهذا لا ولن يخفى على ذوي الألباب المتفتحة والقلوب المفعمة بحب النبي وآله فلماذا يا ترى كان التركيز على هذا المحور بالذات؟! هل يعقل أن يكون ذلك بلا سبب؟! ألا يحمل هذا في طياته دلالات عميقة وإشارات واضحات.