هذه الفرية وقد علمت حرص الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحديث عن فاطمة (ع) حتى لا تذهب المذاهب بالقوم وكيف يمكن أن تكذب وهي المطهرة بنص القرآن والمعصومة والصادقة في سيرتها كما جاء في الروايات وهي التي يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها؟ إنها الزهراء (ع) ميزان الحق الذي به يعرف الباطل وأي خطأ وخطل يرتكب من يحاول أن يشكك في حقها الذي طالبت به؟ لأن ذلك يعني الشك في قول الله تعالى وقول رسوله.
وليس هناك مجال لمدح يدعي أنها كانت جاهلة بحقوقها وأنها ربما لم تسمع بأنها لن ترث أباها وأن ملكها يمكن أن يتصرف فيه الخليفة كيف يشاء. إذ أن من المستحيل أن يغفل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيان ذلك لابنته الزهراء (ع) ، وهي المعنية بالأمر في الدرجة الأولى دون سائر المسلمين .. وزوجها هو علي بن أبي طالب الذي قال عنه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أنا مدينة العلم وعلي بابها (١) ، وقد أكد علي (ع) دعوى فاطمة (ع) حينما قال أبو بكر : قال رسول الله لا نورث ما تركناه صدقة فقال علي : ( وورث سليمان داوود ) وقال ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) قال أبو بكر : هو هكذا وأنت والله تعلم مثل ما أعلم فقال علي : هذا كتاب الله ينطق! فسكتوا وانصرفوا (٢).
إذا فاطمة كانت تدرك تماما ما تفعله وعن علم كامل بحقوقها وإلا لماذا استمر غضبها إلى حين وفاتها ولم تتراجع بل احتجت على أبي بكر بأن الأنبياء يورثون من القرآن الحكيم في خطبتها التي خطبتها أمام الخليفة الأول وذلك بعد
ــــــــــــــــ
(١) ـ أسد الغابة ج ٤ ص ٢٢ ، مستدرك الحاكم وشواهد التنزيل وتاريخ ابن عساكر وغيرها من المصادر.
(٢) ـ طبقات ابن سعد ٢ / ٣١٥ وكنز العمال ٥ / ٣٦٥ كتاب الخلافة مع الإمارة من قسم الأفعال.