فدك الرمز
تعرفنا على الزهراء من خلال القرآن فكانت المثال الأعلى للإيمان والتقوى والورع والزهد والعصمة .. تجلت لنا أسمى معاني الايثار في الزهراء ومع أهل البيت (ع) .. يجودون بطعامهم للمسكين واليتيم والأسير لقد مدحها الله مع أبيها وبعلها وبنيها فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ووصفهم بأنهم الموفون بالنذر الخائفون من يوم كان شره مستطيرا وهو تعالى القائل عن لسانهم (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا) ثم جعل سبحانه وتعالى مودتهم أجرا للرسالة والنبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم يتحدث عن ابنته فتفيض كلماته لتعطي الزهراء (ع) هالة من القدسية يتوقف عندها كل القديسين والأولياء إجلالا لعظمتها ، فاطمة (ع) هذه الشامخة المدركة تماما أنها ما خلفت إلا للآخرة .. إنها كانت من الصنف الذي لا يقيم لحطام الدنيا وزنا وهي التي أهدت حتى ثياب عرسها لسائلة مسكينة ليلة زفافها كما جاء في التاريخ (١) ... وهي من علمت أخي القارئ من خلال استعراض آيات الذكر الحكيم التي نزلت فيها إضافة إلى كلام أبيها وسيرتها العطرة ... فاطمة الزهراء (ع) التي عرفتها هي أكبر من أن تطالب بقطعة أرض.
يا ترى لماذا كان إصرارها على المطالبة بحقوقها المادية المتمثلة في فدك وغيرها من الخمس والميراث؟! إنها لم تكن حريصة على امتلاكشيء مآله إلى الزوال في هذه الدنيا ومن المستحيل أن ندعي على الزهراء بأنها قلبت الدنيا على الخليفة الأول من أجلشيء يرتبط بالدنيا .. لا سيما أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبرها بقرب موتها وسرعة لحاقها به.
ــــــــــــــــ
(١) ـ روى ذلك الشيخ عبد الرحمن الصفوري الشافعي في نزهة المجالس ج ٢ ص ٢٢٦ ط القاهرة).