ولا يصح أن يعوذ الانسان بالله من أهله وماله ، ولكن يصح أن يعوذ بالله من مضلات الفتن.
عن أمير المؤمنين : « لا يقولن أحدكم : اللّهم إنّي اعوذ بك من الفتنة ؛ لأنه ليس من أحد إلّا وهو مشتمل علىٰ فتنة ، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن ؛ فإن الله يقول : ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ) (١).
وعن أبي الحسن الثالث عليهالسلام : عن آبائه عليهمالسلام قال : « سمع أمير المؤمنين رجلاً يقول : اللّهم إنّي أعوذ بك من الفتنة. قال عليهالسلام : اراك تتعوذ من مالك وولدك ، يقول الله تعالىٰ : ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ) ولكن قل : اللّهم إنّي أعوذ بك من مضلات الفتن » (٢).
إن من مهام الدعاء وغاياته تحكيم العلاقة داخل الاسرة المسلمة ، وازالة ما في النفوس من التراكمات التي تحدث عادة في زحمة الحياة الدنيا. والدعاء بظهر الغيب من عوامل تلطيف هذه العلاقة التي قد تتعكر في ساحة الحياة ؛ وأمّا الحالات العكسيّة التي تثبّت الحالة السلبيّة في العلاقات فما لا يحب الله فيه الدعاء.
فالله تعالىٰ يحب دعاء المؤمنين بعضهم لبعض بظهر الغيب ، وفي حضورهم ، وايثار الآخرين بالدعاء ، وتقديم حاجاتهم واسمائهم علیٰ حاجة الداعي نفسه.
ولا يحب في الدعاء أن يتمنىٰ الانسان زوال النعمة من أخيه كما وجدنا قبل قليل.
ولا يحب في الدعاء أن يدعو الانسان علىٰ أخيه المؤمن ، وان كان قد مسّه
__________________
(١) نهج البلاغة ، القسم الثاني : ١٦٢.
(٢) امالي الطوسي ٢ : ١٩٣ ، بحار الأنوار ٩٣ : ٣٢٥.