والعبادة إن كانت عن حبّ وشوق ولهفةٍ فلا تفوقها لذة وحلاوة.
يقول الإمام زين العابدين عليهالسلام وهو ممّن ذاق حلاوة حبّ الله وذكره : « إلهي ما أطيب طعم حبّك وما أعذب شربَ قُربك » (١).
وهي حلاوة ولذة مستقرّةٌ في قلوب أولياء الله ، وليست لذّة عارضةً تعرض حيناً ، وترتفع حيناً. وإذا استقرّت لذة حب الله في قلب العبد فذلك قلب عامر بحب الله ، ولن يعذّب الله قلب عبد عَمَرَ بحبّه ، واستقرّت فيه لذّة حبه.
يقول أمير المؤمنين عليهالسلام : « إلهي وعزَّتِكَ وجلالِكَ لقد أحببتُكَ محبةً استقرَّتْ حلاوتُها في قلبي ، وما تنعقدُ ضمائُر موحِّديكَ علىٰ أنّكَ تبغضُ مُحبّيكَ » (٢).
وعن هذه الحالة المستقرّة والثابتة من الحبّ الإلهي يقول الإمام علي بن الحسين عليهالسلام : « فوعزّتك يا سيدي لو انتهرتني ما برحت من بابك ، ولا كففت عن تملّقك ، لما انتهىٰ إليّ من المعرفة بجودك وكرمك » (٣).
وهو من أبلغ التعبير في عمق الحب واستقراره في القلب ، فلا يزول ولا يتغيّر في قلب العبد حتىٰ لو نهره مولاه ، وأبعده من جنابه ، وحاشاه أن يفعل ذلك بعبدٍ استقرّ حبه في قلبه.
وإذا عرف الإنسان طعم حبّ الله ولذّة الاُنس به فلا يؤْثر عليه شيئاً. يقول زين العابدين وإمام المحبّين : « من ذا الذي ذاق حلاوة محبتك فرام عنك بدلاً ، ومن ذا الذي أنِسَ بقربك فابتغىٰ عنك حِوَلاً » (٤).
وإنّما يتوزّع الناس علىٰ المسالك والمذاهب لأنّهم حُرِموا لذّة حب الله. وأمّا
__________________
(١) بحار الأنوار ٩٨ : ٢٦.
(٢) مناجاة أهل البيت : ٩٦ ـ ٩٧.
(٣) بحار الأنوار ٩٨ : ٨٥.
(٤) بحار الأنوار ٩٤ : ١٤٨.