الذين عرفوا لذة حبّ الله فلا يبحثون بعد ذلك عن شيء آخر في حياتهم.
يقول الإمام الحسين بن علي عليهالسلام : « ماذا وجد من فقدك ؟! وما الذي فقد من وجدك ؟! » (١).
ويستغفر عليّ بن الحسين زين العابدين عليهالسلام من كلّ لذةٍ غير لذّة حب الله ، ومن كل شغلٍ غير الاشتغال بذكر الله ، ومن كلِّ سرورٍ بغير قرب الله ، لا لأنّ الله تعالىٰ حرّم علىٰ عباده ذلك ، ولكن لأنّ ذلك من انصراف القلب عن الله واشتغاله بغير الله ، ولو زمناً قصيراً ، ولا ينصرف قلبٌ عرف لذّة حب الله ، عن الله.
وكل شيء وكل جهد في حياة أولياء الله يأتي في امتداد حبّ الله ، وذكر الله ، وطاعة الله ، وكلّ شيء عدا ذلك فهو انصراف عن الله ، ويستغفر الله منه. يقول عليهالسلام : « وأستغفرك من كلّ لّذةٍ بغير ذكرك ، ومن كلِّ راحةٍ بغير اُنسك ، ومن كلّ سرورٍ بغير قربك ، ومن كلّ شغلٍ بغير طاعتك » (٢).
والحب لا ينفصل عن العمل ، فمن أحبّ كانت أمارة حبّه العمل والحركة والجهد. ولكنّ الحب يجبر عجز العمل ، ويشفع لصاحبه كلّما قصر عمله ، وهو شفيعٌ مُشفَّعٌ عند الله تعالىٰ.
يقول علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام في دعاء الأسحار الذي يرويه عنه أبو حمزة الثمالي وهو من جلائل الأدعية : « معرفتي يا مولاي دليلي عليك ، وحُبّي لك شفيعي إليك ، وأنا واثق من دليلي بدلالتك ، ومن شفيعي إلىٰ شفاعتك » (٣).
__________________
(١) بحار الأنوار ٩٨ : ٢٢٦.
(٢) بحار الأنوار ٩٤ : ١٥١.
(٣) بحار الأنوار ٩٨ : ٨٢.