وزين العابدين عليهالسلام يسأل الله أن يقرب عليه البعيد ، ويسهّل عليه العسير ، في هذه الرحلة الشاقة ، وأن يلحقه بالصالحين الذين سبقوه « وهو إمام الصالحين » فإنّ رفقة الأولياء والصالحين علىٰ طريق ذات الشوكة ، تشدّ علىٰ قلوب الجميع ، وتزيد من عزمهم علىٰ مواصلة الطريق.
إنّ السير إلىٰ الله صعب ، فإذا كان جمع من الصالحين يسيرون علىٰ هذا الطريق ، يتماسكون ، ويتواصون بالحق ، ويتواصون بالصبر ... خفّ عليهم السير علىٰ طريق ذات الشوكة.
يقول علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام في طبيعة هذه الرحلة الشاقة والطويلة ، وفي طلب التقريب والتخفيف والالتحاق بالصالحين علىٰ هذا الطريق : « وسيّرنا في أقرب الطرق للوفود عليك. قرّب علينا البعيد ، وسهِّل علينا العسير الشديد ، وألحقنا بعبادك الذين هم بالبدار إليك يسارعون ، وبابك علىٰ الدوام يطرقون ، وإيّاك بالليل والنهار يعبدون ».
ويصف الإمام هؤلاء الصالحين الذين يسأل الله تعالىٰ أن يلتحق بهم بهذا الوصف الجليل الذي يستحق الكثير من التفكير والتأمّل : « الذين صفّيت لهم المشارب ، وبلّغتهم الرغائب ... وملأت لهم ضمائرهم من حبك ، وروّيتهم من صافي شربك ».
فما هو هذا الشراب الصافي الطهور الذي يسقيهم ربهم في الدنيا ؟ وأيّ إناء هذا الإناء الذي يملأه الله من حبه ؟
إن هذا الشراب الصافي هو شراب « الحب » و « اليقين » و « الإخلاص » و « المعرفة ». والإناء هو « القلب ».