وقد علّمنا الله تعالىٰ فيما علّمنا من آداب « عباد الرحمن » وأخلاقهم أن تطلب من الله تعالىٰ أن يجعلنا للمتقين إماماً ( وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) (١).
ونقرأ في الدعاء الوارد عن المعصومين عليهمالسلام كثيراً هذه الفقرة الطموحة « وآثرني ولا تُؤْثِر عليَّ أحداً ».
لكثير من الادعية قاع وقمة ، أمّا القاع فهو يجسّد موضع العبد وما ركب من السيئات والذنوب ، وأمّا القمة فهي تمثّل طموحه وأمله في الله سبحانه وتعالىٰ ، ولا حدّ لكرمه وجوده وخزائن رحمته.
وفي « دعاء الاسحار » يذكر زين العابدين عليهالسلام هذا الفاصل النفسي بين القاع والقمة ، يقول عليهالسلام : « إذا رأيتُ مولاي ذنوبي فزعتُ ، وإذا رأيتُ كرمك طمعتُ » (٢).
ويقول عليهالسلام في الدعاء نفسه : « عظم يا سيدي أملي ، وساء عملي فأعطني من عفوك بمقدار أملي ، ولا تؤاخذني بأسوء عملي » (٣).
وفي الدعاء الذي علّمه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام لكميل بن زياد رضياللهعنه يبدأ من القاع فيقول : « اللّهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم ، اللّهم اغفر لي الذنوب التي تنزل النقَم ، اللّهم اغفر لي الذنوب التي تغيّر النعم ، اللّهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء ... اللهم لا أجد لذنوبي غافراً ، ولا لقبائحي ساتراً ، ولا لشيء من عملي القبيح بالحسن مبدلاً غيرك ... سبحانك وبحمدك ظلمت
__________________
(١) الفرقان : ٧٤.
(٢) دعاء أبي حمزة الثمالي.
(٣) المصدر السابق.