الوسيلة الثالثة : « الحب » ، وإن العبد يستنزل من رحمة الله تعالىٰ بـ « الحب » ما لا يستنزله بأمر آخر.
والآن تأمّلوا في هذه الوسائل الثلاثة التي يتوسّل بها زين العابدين عليهالسلام إلىٰ الله تعالىٰ :
« رضاك بغيتي ، ورؤيتك حاجتي ، وعندك دواء علّتي ، وشفاء غلّتي ، وبرد لوعتي ، وكشف كربتي ». وهذه هي وسيلة « الحاجة والفقر ».
« جوارك طلبي ، وقربك غاية سؤلي ... فكن أنيسي في وحشتي ، ومقيل عثرتي ، وغافر زلّتي ، وقابل توبتي ، ومجيب دعوتي ، ووليّ عصمتي ، ومغني فاقتي ». وهذه وسيلة « الدعاء ».
« فأنت لا غيرك مرادي ، ولك لا لسواك سهري وسهادي ، ولقاؤك قرّة عيني ، ووصلك منىٰ نفسي ، وإليك شوقي ، وفي محبتك ولهي ، وإلىٰ هواك صبابتي ». وهذه وسيلة « الحب ».
والآن نتأمل في هذه الفقرة من كلام الامام ، وهي رائعة من روائع الدعاء ، وإنّ للدعاء روائع كما للفن والادب ، يقول عليهالسلام : « فقد انقطعت إليك همّتي ، وانصرفت نحوك رغبتي ، فأنت لا غيرك مرادي ، ولك لا لسواك سهري وسهادي ، ولقاؤك قرّة عيني ».
وفي « الانقطاع » ما ليس في « التعلّق » والامام لا يقول : فقد تعلّقت بك هممي ، لأن التعلّق بالله لا ينفي التعلّق بغيره ، وإن كان العبد صادقاً في تعلّقه بالله ، وإنّما يقول : « فقد انقطعت إليك همّتي » ، فإن الانقطاع يتضمّن معنىً إيجابياً وسلبياً معاً ، فإنه انقطاع « من الخلق إلىٰ الله » ، والانقطاع « من الخلق » هو المعنىٰ السلبي الذي يقصده الامام في هذه الفقرة ، و « إلىٰ الله » هو المعنىٰ الايجابي الذي يقصده.
فإن الاخلاص في الحب
« فصل » و « وصل » ؛ فصل مما عدا الله ، ووصل بالله