جديد في عرض الولاء لله وللرسول فإنها تنفي الولاء لله وللرسول لا محالة. فإن مسألة الولاء مسألة التوحيد دائماً ، فإما أن يكون للانسان ولاء لله ، فلا يكون له لغير الله تعالىٰ ولاء ، وإما أن لا يكون له لله وللرسول ولاء فيختار الانسان لولائه وحبّه وبغضه ما يشاء من المواضيع.
إن جوهر (الولاء) وقيمة (الولاء) في التوحيد ، فإذا انتفیٰ التوحيد ينتفي الولاء رأساً ، ونحن إذا أدركنا هذه الحقيقة في معنىٰ الولاء نستطيع أن نفهم معنیٰ (الولاء) ، ومن دونها يبقیٰ فهمنا لمسألة الولاء فهماً عامياً ساذجاً ، ينسجم الولاء فيه مع الولاء لكل أحد ، ولكل شيء ، حتىٰ مع الولاء لأعداء الله ، فيجتمع حبّ الله والولاء له ولأنبيائه عليهمالسلام مع حبّ فرعون والولاء له ، ويجتمع حبّ الاسلام والولاء له مع حبّ الحضارات المجوسية والفرعونية والبابلية والولاء لها.
وعندما يهبط الولاء إلىٰ هذا المستوىٰ يفقد الولاء كل محتواه وقيمته وأثره.
فالحبّ في الله ـ إذن ـ يشكّل في حياة الإنسان المسلم محوراً للولاء في السلب والايجاب ، والحبّ والبغض ، والقرب والبعد ، ويكون حاكماً علیٰ كل علاقات الانسان وتعلّقاته وميوله وتوجّهاته.
وكل حبّ آخر لا ينافي
الحبّ لله فهو مسموح به وجائز علىٰ أن يبقیٰ محكوماً للحبّ لله. وحتىٰ عندما يحبّ المسلم طائفتين مسلمتين في الله ولا يتخاصمان في أمر فلا يمكن أن يجمع بينهما الانسان في الحبّ ، ويضطر لاتخاذ موقف مختلف لكل منهما. فإن ضوابط الحبّ في الله هي التي تتحكّم في اتخاذ مثل هذا الموقف ، ولا يترك الأمر في مثل هذه المواقف لعواطف الانسان تجاههما ، ودرجة حبّه وتعلّقه بكل واحدة منهما ، فيؤثر منهما من كان أقرب إلىٰ نفسه ... ، ويقف
من الاُخرىٰ موقفاً يميل إلىٰ السلب ... أقول : ليس للمسلم في مثل هذه
المواقف ، وهو يحب الطائفتين في الله ، أن يرسل عواطفه تجاههما لضوابط الحب في الله بدقة ،