فيحاول أن يصلح بينهما ما استطاع إلىٰ ذلك سبيلاً ، وإن بغت إحداهما علىٰ الاخرىٰ وقف مع الفئة المعتدىٰ عليها ضد الفئة الباغية المعتدية ، بحزم وقوة ، ومن دون أن يميل مع ميوله وعلاقاته النفسية ، ويحسب حساباً لقرب إحداهما منه أو بعدها ، ومن دون أن يرقّ أو يلين للفئة الباغية علىٰ حساب الحق ، وإذا لم ترتدع الفئة الظالمة عن بغيها وغيّها ، أعلن عليها الحرب وقاتلها إلىٰ جنب الفئة المعتدىٰ عليها ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّـهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) (١).
فالحبّ في الله ـ إذن ـ محور حاكم في حياة الانسان المسلم. يرسم له خريطة واضحة لعلاقاته في المجتمع والاسرة ولقربه وبعده ، وحبّه وبغضه.
ومن خصائص هذا المحور انه يرفض دائماً أي محور إلىٰ جنبه ، مهما يكن ذلك المحور.
وهذه الفقرة بحاجة إلىٰ مزيد من التوضيح ؛ فإن الله كريم ، ومن طبع الكريم الكرم والاحسان والعطاء.
ولكن نعم الله تعالىٰ لا تعبّر فقط عن كرمه وجوده سبحانه وتعالىٰ ، وإنما تعبّر عن معنىً آخر غير الكرم والجود ، وهو التحبّب إلىٰ عباده.
فإن الله تعالىٰ عندما ينعم علىٰ عباده يريد أن يتحبب إليهم ، ويدعوهم إلىٰ حبّه.
وواضح لمن يقرأ كتاب الله أن القرآن الكريم يحرص علىٰ توظيف النعمة في توجيه الانسان إلىٰ حبّ الله وحمده وشكره.
__________________
(١) الحجرات : ٩.