عندهم هو فقرهم وحاجتهم إلی الله ، وعرض الفقر والحاجة علیٰ الله.
وكل منهما من مفاتيح رحمة الله في حياة الانسان ، وبكل منهما يستنزل الانسان رحمة الله ، بما يرفع إلی الله من جهده وعمله ونفسه وماله ، وبما يرفع إلی الله من حاجته وفقره وعدمه واضطراره.
ولسنا الآن بصدد البحث عن تفاصيل علاقة العمل بخزائن رحمة الله ، ولا عن علاقة (العمل) بـ (الدعاء).
وإنما نريد أن نكتشف ، إن شاء الله ، علاقة الدعاء بما يرزق الله تعالیٰ عباده من خزائن رحمته.
إن وعي الحاجة والفقر هو السر الذي نستطيع من خلاله أن نكتشف علاقة الدعاء بالاستجابة ، ونفهم كيف يكون الدعاء مفتاحاً لرحمة الله ، وكيف يستنزل الدعاء رحمة الله تعالیٰ.
فإن كل دعاء يجسّد درجة من وعي الفقر ، ويعبرّ عن مرتبة من مراتب وعي الحاجة إلی الله.
وبقدر ما يكون وعي العبد لحاجته إلی الله اكثر يكون دعاؤه اقرب إلی الاستجابة ، وتكون رحمة الله اقرب إليه.
فليس من شح ولا بخل في رحمة الله تعالیٰ ، وانما يختلف حظّ الناس من رحمة الله لاختلاف أواني نفوسهم وأوعيتها.
ومن عجب أن الحاجة والفقر ، ووعي الحاجة والفقر هو وعاء الانسان الذي ينال به رحمة الله ، وكلما يكون وعيه لفقره إلی الله اكثر يكون وعاؤه الذي ينال به رحمة الله اكبر.