يقول تعالىٰ : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) (١).
والحاجة والفقر تستنزلان رحمة الله تعالىٰ وعاهما الانسان ام لم يعهما ، ورفعهما الانسان إلىٰ الله وعرضهما عليه تعالىٰ ام لم يرفعهما ، إلا أن الحاجة والفقر الذين يعيهما الانسان ، ويرفعهما إلیٰ الله ، وينشرهما بين يدي الله تعالیٰ اقویٰ في اجتذاب رحمة الله.
وعليه فنحن نتحدث عن (الفقر) وعلاقته بـ (رحمة الله) قبل الوعي والرفع إلىٰ الله ، وبعد الوعي والرفع إلى الله.
إن الحاجة الىٰ الله ، بحدّ ذاتها تستنزل رحمة الله حتّىٰ قبل الوعي والرفع إلىٰ الله. ومثلها مثل الأرض الواطئة الهشة التي تجتذب المياه ، وتمتصها.
كما أن مثل الاستكبار عن الله والغرور مثل الارض الناتئة الصلدة التي تردّ الماء. كذلك المستكبرون عن عبادة الله ودعائه يردون رحمة الله تعالىٰ فلا ينالهم منها شيء ، وإن وسعت السماوات والارضين.
إن بين الفقر والرحمة علاقة تكوينية ، كل منهما يطلب الآخر ويسعىٰ إليه.
الفقر إلىٰ الله يسعىٰ الىٰ رحمة الله ، ورحمة الله تطلب مواضع الحاجة والفقر.
كما أن بين ضعف الطفل وحاجته وبين حنان الاُم وعطفها علاقة وصلة ، كل منهما يطلب الآخر ، ضعف الطفل يطلب حنان الاُم ، وحنان الاُم ورحمتها يطلبان ضعف الطفل لرعايته.
بل في دائرة الممكنات كل منهما يحتاج الآخر ، وليست حاجة الاُم الىٰ
__________________
(١) فاطر : ١٥.