أحوال الحجاز في العصر الذي عاش فيه السنجاري :
عاش السنجاري في عصر كانت فيه الدولة العثمانية وهي أقوى الدول الإسلامية ، وملاذ المسلمين قد بدأت بالضعف بعد أن كانت قد وصلت أوج قوتها في القرن العاشر الهجري.
ففي حوالي سنة ٩٢٢ ه / ١٥١٦ م تقدم السلطان سليم خان لإزالة حكم الأتراك الجراكسة من بلاد الشام ومصر والحجاز ، فوقعت بينه وبين سلطان الجراكسة قانصوه الغوري معركة في مرج دابق وفقد على أثرها الأخير تحت سنابك الخيل ، مما جعل السلطان سليم يتم مسيرته نحو الجنوب واضعا يده على حلب ، ثم على دمشق. ومن هناك توجه إلى مصر فالتقى في معركة فاصلة مع سلطان الجراكسة الأخير طومان باي في موقعة" الريدانية" سنة ٩٢٣ ه / ١٥١٧ م حيث أصبحت مصر على أثر ذلك جزءا من أرض الدولة العثمانية.
ولما استقر السلطان سليم وتوطد ملكه في مصر ، أنهى إليه بعضهم بأن جميع الملك والسلطان طرازه الأعظم هو ملك الحرمين الشريفين ، والدعاء له على منابرهما. فأخذ في تجهيز جيش كثيف للسير نحو الحرمين الشريفين. وكان بمصر حينذاك القاضي صلاح الدين بن ظهيرة مرسما عليه من قبل السلطان الغوري. فلما بلغ المذكور ذلك اجتمع ببيري باشا ـ الوزير الأعظم ـ وعرفه عظمة شريف مكة في ذلك الوقت ، وهو الشريف بركات بن محمد ، ومبلغ مراعاته للسلطنة الشريفة ، وذكر له حسن سياسته وتدبيره ، وأشار عليه بأن يرسل إليه رسالة سلطانية بما يقتضيه الرأي. وأرسل له القاضي رسالة أخرى ، ينصحه فيها بأن يقابل التوقيع السلطاني بالقبول ، وبأن يرسل ولده السيد أبا نمي إلى الحضرة