ككرم زيد وشجاعة عمرو وبخل بكر (بطرق بعضها اوضح دلالة على معناه من البعض الآخر على معناه لم يكن ذلك من البيان في شيء) ضرورة ان اختلاف الطرق في ايراد المعاني المتعددة امر قهري لا يحتاج المتكلم فيه الى علم البيان اذ قلما يوجد معاني متعددة يوردها المتكلم ولم يختلف طرقها في الوضوح.
(وتقييد الاختلاف بان يكون في وضوح الدلالة للاشعار بانه لو اورد المعنى الواحد في طرق مختلفة في اللفظ والعبارة دون الوضوح والخفاء مثل ان يورده بالفاظ مترادفة) كايراد كرم زيد بقولنا زيد سخي وزيد كريم وزيد جواد وكايراد الحيوان المفترس بقولنا اسد وهزبر وغضنفر (مثلا لا يكون ذلك من علم البيان) ايضا.
(و) ليعلم انه (لا حاجة الى ان يقال في وضوح الدلالة وخفائها) حاصله انه لا حاجة الى عطف خفائها على وضوح الدلالة (لان كل واضح هو خفى بالنسبة الى ما هو اوضح منه) فتحصل من هذا التحقيق ان الخفاء ليس بمراد اصلا لان المراد طرق واضحة بعضها اوضح من بعض وذلك لان ما ليس بواضح اصلا ليس طريقا بليغا فلا يكون طريقا بيانيا ولا فصيحا والى ذلك اشار بقوله (ومعنى اختلافها في الوضوح ان بعضها واضح الدلالة وبعضها اوضح فلا حاجة الى ذكر الخفاء) لانه مستفاد من قوله مختلفة في وضوح الدلالة حسبما حققناه وقال بعضهم بعكس ذلك اي قال كلما كان الكلام خفيا في الدلالة كان ابلغ ثم قال لو قيل في خفاء الدلالة كان اقرب الى الاشارة الى اعتبارات الا بلغ واعترض على هذا بالمنع وبان ذكر الوضوح يستلزم ذكر الخفاء لان كل واضح خفي بالنسبة الى غيره وبالعكس وهذا القول قوي فتدبر.