للرجلين) (١) حيث نقل خبرين مختلفين ثم قال : «ولو صح الخبران جميعا لكان الواجب الأخذ بقول الأخير كما أمر به الصادق (عليهالسلام) ، وذلك لان الأخبار لها وجوه ومعان ، وكل إمام أعلم بزمانه وأحكامه من غيره من الناس» انتهى.
أقول : والعمل بهذا الوجه بالنسبة إلى زمانهم (عليهمالسلام) لا اشكال فيه. وذلك لان الظاهر ان الاختلاف المذكور ناشىء عن التقية لقصد الدفع عن الشيعة ، كما يشير اليه قوله (عليهالسلام) في الخبر الثاني من الاخبار المشار إليها (٢) : «إنا والله لا ندخلكم إلا فيما يسعكم». وحينئذ فالوجه في الأمر بالأخذ بالأخير انه ، لو كانت التقية في الأول من الخبرين فالثاني رافع لها فيجب الأخذ به ، وان كانت التقية في الثاني وجب الأخذ به لذلك. واما بالنسبة إلى مثل زماننا هذا فالظاهر انه لا يتجه العمل بذلك على الإطلاق ، لجواز ان يحصل العلم بأن الثاني إنما ورد على سبيل التقية والحال ان المكلف ليس في تقية ، فإنه يتحتم عليه العمل بالأول ولو لم يعلم كون الثاني بخصوصه تقية بل صار احتمالها قائما بالنسبة إليهما ، فالواجب حينئذ هو التخيير أو الوقوف بناء على ظواهر الأخبار ، أو الاحتياط كما ذكرناه (٣).
(الخامس) ـ المستفاد ـ من كلام ثقة الإسلام وعلم الاعلام (قدسسره) في ديباجة كتاب الكافي ـ ان مذهبه فيما اختلفت فيه الاخبار هو القول بالتخيير. ولم أعثر على من نقل ذلك مذهبا له مع ان عبارته (طاب ثراه) ظاهرة الدلالة طافحة المقالة ، وشراح كلامه قد زيفوا عبارته وأغفلوا مقالته.
قال (قدسسره) (٤) : فاعلم يا أخي ـ أرشدك الله ـ انه لا يسع أحدا تمييز شيء
__________________
(١) من الجزء الرابع ، وعنوانه (الرجلان يوصى إليهما فينفرد كل منهما بنصف التركة).
(٢) وهو خبر المعلى بن خنيس المتقدم في الصحيفة ٩٦ السطر ١١.
(٣) في الصحيفة ١٠٥ السطر ٣.
(٤) في الصحيفة ٨ السطر ١٦ من النسخة المطبوعة بمطبعة الحيدرى بطهران سنة ١٣٧٥.