والكراهة من جملة وجوه الجمع بين الأخبار ، بل الاقتصار عليهما في الجمع دون تلك القواعد المنصوصة والضوابط المخصوصة ، كما لا يخفى على من لاحظ كتب المتأخرين ومتأخريهم ، حتى تحذلق بعض متأخري المتأخرين ـ كما نقله بعض مشايخنا المعاصرين ـ فقال : «إذا أمكن التوفيق بين الأخبار بحمل بعضها على المجاز كحمل النهي على الكراهة والأمر على الاستحباب وغير ذلك من ضروب التأويلات ، فهو أولى من حمل بعضها على التقية وان اتفق المخالفون على موافقته» ولعمري انه محض اجتهاد في مقابلة النصوص وجرأة على رد كلام أهل الخصوص ، وقد قدمنا لك في المقدمة السابقة (١) ما فيه مزيد تحقيق للمقام ودفع لهذه الأوهام.
(السابع) ـ الذي ظهر لي من الأخبار ـ مما تقدم نقله وغيره ، وعليه اعتمد وبه أعمل ـ انه متى تعارض الخبران على وجه لا يمكن رد أحدهما إلى الآخر.
فالواجب ـ أولا ـ العرض على الكتاب العزيز. وذلك لاستفاضة الأخبار بالعرض عليه وان لم يكن في مقام اختلاف الأخبار ، وان ما خالفه فهو زخرف (٢) ولعدم جواز مخالفة أحكامهم (عليهمالسلام) للكتاب العزيز ، لانه آيتهم وحجتهم واخبارهم تابعة له ومقتبسة منه ، وأما ما ورد مخصصا أو مقيدا له فليس من المخالفة في شيء كما قدمنا بيانه وأوضحنا برهانه (٣). والمراد العرض على محكماته ونصوصه بعد معرفة الناسخ منها من المنسوخ. واما غيرها فيشترط ورود التفسير له عن أهل البيت (عليهمالسلام) ، وإلا فالتوقف عن الترجيح بهذه القاعدة.
ثم الترجيح بالعرض على مذهب القوم والأخذ بخلافهم ، لاستفاضة
__________________
(١) الظاهر ان مراده ما تقدم في المقدمة الرابعة في الصحيفة ٧٠ وفي النسختين الخطبتين اللتين وقفنا عليهما (الاولى) بدل (السابقة) ويحتمل ان يكون من غلط النساخ.
(٢) روى صاحب الوسائل هذه الاخبار في باب ـ ٩ ـ من أبواب صفات القاضي وما يجوز ان يقضى به من كتاب القضاء.
(٣) في الصحيفة ٨٩ السطر ٧.