(الثاني) ـ ان ظاهر الخبر المذكور (١) انه لا تثبت النجاسة للأشياء ولا تتصف بها الا بالنظر الى علم المكلف ، لقوله (عليهالسلام) : «فإذا علمت فقد قذر» (٢). بمعنى انه ليس التنجيس عبارة عما لاقته عين النجاسة واقعا خاصة بل ما كان كذلك وعلم به المكلف ، وكذلك ثبوت النجاسة لشيء إنما هو عبارة عن حكم الشارع بأنه نجس وعلم المكلف بذلك ، وهو خلاف ما عليه جمهور أصحابنا (رضوان الله عليهم) فإنهم حكموا بان النجس إنما هو عبارة عما لاقته النجاسة واقعا وان لم يعلم به المكلف ، وفرعوا عليه بطلان صلاة المصلي في النجاسة جاهلا وان سقط الخطاب عنه ظاهرا كما نقله عنهم شيخنا الشهيد الثاني في شرح الألفية.
وأنت خبير بما فيه من العسر والحرج ومخالفة ظواهر الأخبار الواردة عن العترة الأبرار.
(أما أولا) ـ فلأن المعهود من الشارع عدم إناطة الأحكام بالواقع ونفس الأمر ، لاستلزامه التكليف بما لا يطاق ، وحينئذ فالمكلف إذا صلى في ثوب طاهر في علمه. والطاهر شرعا إنما هو ما لم يعلم المكلف بنجاسته لا ما علم بعدمها ، فما الموجب لبطلان صلاته بعد امتثاله للأمر الذي هو مناط الصحة ومعيارها؟
و (اما ثانيا) ـ فلما أورده شيخنا الشهيد الثاني عليهم في الكتاب المشار اليه حيث قال بعد نقل ذلك عنهم : «ولا يخفى ما فيه من البلوى ، فان ذلك يكاد يوجب فساد جميع العبادات المشروطة بالطهارة ، لكثرة النجاسات في نفس الأمر وان لم يحكم الشارع ظاهرا بفسادها ، فعلى هذا لا يستحق عليها ثواب الصلاة وان استحق أجر الذاكر المطيع بحركاته وسكناته ان لم يتفضل الله تعالى بجوده». انتهى.
و (اما ثالثا) ـ فلمخالفته ظواهر الأخبار ومنها الخبر المذكور (٣).
__________________
(١) وهو موثق عمار المتقدم في الصحيفة ١٣٤ السطر ٨.
(٢) وهو موثق عمار المتقدم في الصحيفة ١٣٤ السطر ٨.
(٣) وهو موثق عمار المتقدم في الصحيفة ١٣٤ السطر ٨.